معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 168 - الجزء 1

  عليه، وهذا القول عمل بالمصالح المرسلة؛ إذ هو عمل بالمناسبة المعتبرة شرعاً من غير استناد إلى أصلٍ معيَّن يصلح للقياس عليه وهو معمول بها في الأصح.

  وقال كثيرون: لا يصح شيء من تصرفاته قياساً على الصبي والمجنون، والقياس مقدم على المصالح المرسلة.

  فرع: وأما عقوده فصحتها مبنية على بقاء تمييزه كاملاً، وكذا قبوله الهبة ونحوها، وذلك على القولين معاً على الأصح؛ إذ لا دليل على صحتها من غير العاقل.

باب حدِّ السارق

  هو حق لله تعالى مشوب بحق آدمي، وهو ذو الحرزِ وربُّ المال، وحق الله تعالى فيه غالب، عكس القذف.

  فرع: فلكونه حقّاً لله تعالى لم يصح العفو عنه بعد الترافع، ولم يورث، ولا يتساقط الحدَّان، حيث سرق كل من الرجلين مال الآخر، وكان استيفاؤه إلى الإمام، ولم يتكرر بتكرر المسروقين قبل إقامته، ووقع عنها كلها ولو أقيم لبعضها، ولم يكفِ الإقرار به مرة، بل لا بد من مرتين، ولم يحكم فيه بالنكول، وسقط بالشبهة في المال أو الفعل أو الحرز، وأوجب بعض أصحابنا كون درهمه ثماني وأربعين شعيرة؛ ترجيحاً لجانب السقوط، ولكون حق الله فيه غالباً لم يكتف فيه بالإقرار مرة، وسقط بالإسلام بعد الردة، ولم يتكرر بتكرر المسروقين، بخلاف حدِّ القذف كما تقدم.

  فرع: ولكونه حقّاً لآدمي صح دعوى كلٍّ من ذي⁣(⁣١) الحرز وربِّ المال، ولم تصح دعواه حِسْبَةً عند الأكثر، وسقط بالعفو قبل الترافع، وأقيم على الأخرس، وأجاز بعضهم دعواه حِسْبَةً؛ لغلبة حق الله تعالى فيه، بخلاف حدِّ القذف، والصحيح استواؤهما في ذلك؛ لتعلق حق الآدمي بهما من جهة الابتداء وهي جهة الدعوى.


(١) في (ب، ج): ذوي.