[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  مسألة: وسببه سرق غير التافه، وقد قدَّره الشرع بالعشرة، فلا بُدَّ أن لا تنقص قيمته عن العشرة من وقت السرقة إلى وقت القطع، وأما الحرز فداخل في مفهوم السرقة، فسارق الكفن يدخل بالنص لا بالقياس في الحكم كما ذهب إليه كثيرون، ولا في الاسم كما ذكره بعضهم.
  فرع: ومتى حصل قصد السبب الموجب وجب القطع، ولو جَهِلَ السارقُ كَوْنَ قيمة المسروق عشرة دراهم، أو كونه من حرز، أو ظنَّ أنه لمالكٍ آخر لا شبهة فيه، أو سرق ما لا قيمة له فوجد فيه ما قيمته عشرة؛ لأنه قد قصد السبب الموجب للحدِّ في كل ذلك.
  فرع: فمن سرق العشرة دفعةً حُدَّ، ولو ردَّها إلى الحرز في وقته؛ لحصول السبب، ولو كانوا جماعة، أو هي لجماعة، ولو أخرجها في أوقات لم يتخلل علم بسَرْق المسروق؛ إذ كأنها سرقتان.
  فرع: فمتى أقيم الحدُّ سقط ضمان العين المسروقة التي قُطِعَ لها وغيرها مما يوجب القطع؛ لوقوعه في مقابلة ما عليه من الحقوق التي هو جزاؤها، ووجب ردُّ ما كان باقياً في يده، أو أمكنه استرجاعه من غير غرامة، ولو لزم من ردِّه تلف ماله(١)، كأن يكون قد بنى على الخشبة؛ إذ ليس باستئناف غرامة.
  فرع: فإن لم يتأت نقض البناء إلا بغرامة وجبت التخلية فقط، كما إذا كان لإحضار العين المسروقة مؤنة، لم يكن عليه غير التخلية.
  فرع: وإنما سقط الضمان؛ لئلا يلزم السارق غرمان في البدن والمال من جهة واحدة بسبب واحد، كما سقط عن الزاني المهرُ بالحدِّ، ولو أتلف العين بعد القطع قبل الحكم بالضمان؛ إذ الضمان مستند إلى السرقة التي هي سبب القطع لا إلى الإتلاف؛ لأنه لما قطع صار له فيها شبهة؛ إذ هي بَدَلُ يده، ولذلك لو سرقها ثانياً لم يجب عليه القطع، ولو مع مالك آخر، بخلاف ما لو أتلفها بعد الحكم،
(١) في (ب): «تلف من ماله».