[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  فالسبب مختلف كما لو ارتدَّ بتمزيق المصحف استحلالاً، فإنه يقتل حدّاً، ويضمن أرش ما أتلف؛ لاختلاف سببي الضمان.
  فرع: لما كان القطع جزاء ما اكتسب السارق، كما أشار إليه الشارع(١)، وكان المناسب أن تكون اليد المقطوعة ذات بطشٍ كامل لذلك أيضاً عند الجمهور، فلا تقطع الشلاء، ولا ما ذهب من أصابعها فوق اثنتين، عند أكثر أصحابنا، خلافاً لبعضهم؛ لظاهر القرآن؛ إذ هي يده حقيقة ولو كانت ناقصة.
  فرع: وأما من كانت يسراه باطلة فإنها لا تقطع يمناه، بل ينتقل إلى الرِّجْلِ؛ لأنها بالنسبة إليه أكثر من يدٍ واحدة بالنسبة إلى غيره، فهي فوق ما يجب قطعه فيسقط؛ لاندرائه بالشبهة، بخلاف القصاص؛ إذ ليس بحدٍّ.
باب حدِّ المحارب
  هو حق لله محض فصحت المرافعة فيه حِسْبَةً، ولم يصح عفو المجنيِّ عليه مطلقاً، ولم يثبت بالإقرار مرَّةً، ولا بالنكول وغير ذلك، كما تقدم من أحكام حقوق الله المحضة. شرع جزاء على محاربة معصوم الدم والمال، بما هو مناسب لنوع المحاربة.
  فرع: فسببه المحاربة وكونه ذا مَنْعَةٍ بحيث لا يلحقه الغوث داخلٌ في مفهومها(٢)، فهو جزء من السبب، كما هو القول المعتمد، فيدخل ظَلَمة الأمصار، كما ذكره بعض أصحابنا، فمتى حصل السبب وُجِد الحكم، سواء كان حراً أو عبداً ذكراً أو أنثى مسلماً أو ذميّاً، وسواء كان المجني عليه مسلماً أو ذميّاً؛ لحصول العصمة.
  فرع: وقد تنوَّعت الجزاءات بتنوُّعِ الجنايات مع رعاية المناسبة، فإن قَتَلَ قُتِلَ حدّاً، ولا شيء لورثة المقتول، وإن أَخَذَ نصاب السرقة قُطِع من خلاف، وإن جمع بينهما قُتِلَ وصلب، وإن أخاف فقط نُفِي من الأرض.
(١) بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} الآية [المائدة ٣٨].
(٢) أي: المحاربة.