الضرب الثاني: الأفعال
  قرينة أنه يقرر بها المنفي.
  وإن قال: بلى، كان إقراراً حتى لا يصح من الهازل كسائر الإقرارات.
  فرع: وإنما أفاد ذلك؛ لأن وضعها للنيابة عن الجمل، بخلاف ما لو قال: أصبتَ، أو أحسنتَ، أو قبلتُ، أو أجزتُ؛ لأن هذه إجازة، وإنما تلحق العقود، [فقط(١)] كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فإن قال: هي حقيقة بذلك لم يكن واحدٌ منهما.
  فرع: ولكون موضوع «نعم» ما ذكرنا، لو قال: بعتَ مني؟ أو وهبت لي؟ أو أنكحتَني؟ فقال: نعم، صح ذلك، فإن قاله البائع بضم التاء(٢) لم يكن لنعم حكم من المشتري؛ إذ هو تقرير الإيجاب فقط، والأول طلب للقبول، وفيه معنى الإيجاب.
  فرع: وإذا قال لغيره: امرأتك، فقال: طالق، أو قال لوكيله بالطلاق: امرأتي، فقال الوكيل: طالق، وقع الطلاق، بخلاف ما إذا قيل له: امرأتك طا، فقال: لق؛ إذ ليس حذفاً على القاعدة، كما إذا قال لها: يا طا، بخلاف: يا طالِ؛ إذ هو ترخيم على القاعدة، وإن كان ضعيفاً عند أهل اللسان.
  فرع: ولو قال: امرأتي طالق، أو عبدي حر، إن، أوْ لو، أوْ إلا، وقع الحكم؛ لأن التعليق والاستثناء لم يتم فلم يثبت له حكم، وهذا عامٌّ في جميع الإنشاءات والأخبار إلا الشهادات؛ لأنها تبطل بِلَيِّ اللسان ويسير الريب، وإلا الإيجاب في العقود؛ لأن الإتيان بحرف التعليق والاستثناء رجوع، وهو يصح الرجوع عنها قبل القبول، وكذا فيما يصح الرجوع فيه كالوكالة والإباحة ونحوهما.
  مسألة: وقد يكون القول المفيد للحكم في كلام الغير فتقريره(٣) بعطف أو وصف أو ظرف أو نحوها كما إذا قال له: امرأتك طالق؟ فتقول: وعبدي حر، فيقعان؛ فإن قال: وعبدُك - وقع الأول.
(١) زيادة في (ج).
(٢) أي: بعتُ.
(٣) في (ب، ج): «فيقرره».