معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 241 - الجزء 1

  فقد عُرِّفْتَ أن العقد والشرط قد يصحان معاً، وقد يفسدان معاً، وقد يصح العقد دون الشرط.

فصل في الخيارات

  لما تقدم من غلبة المماكسة في البيع وشدة توقي الغبن، شرعت الخيارات، ولما كان المشتري في الغالب جاهلاً لحال المبيع وقدره، عكس البائع، شرع له من الخيارات ما لم يشرع للبائع، فالخيارات ضربان: ضرب يعمهما، وضرب يخص المشتري.

  أم التي تعمهما فثلاثة: خيار الشرط سواء كان في جملة المبيع أو في بعض منه معين، أو غير معين مع تمييز حصته من الثمن في العقد.

  وخيار تعيين المبيع، وخيار تعذر التسليم.

  والتي تخص المشتري ستة: خيار العيب، والرؤية، وفقد الصفة، والخيانة في التولية ونحوها، وفي الغرر في المصراة، وجهل مقدار المبيع أو الثمن أو كليهما في بعض صور الصبرة والتولية ونحوها.

  وقد ثبت للبائع خيار الخيانة في تلقي الجَلُوبَة، وفي البيع بما باع فلان في الماضي على اختلاف فيه، وأثبت بعضهم خيار معرفة قدر المبيع في بيع الغائب، والصحيح خلافه.

  فرع: فمن هذه الخيارات ما شرع توسعة فقط، وهو خيار الشرط، والرؤية ومعرفة مقدار المبيع أو الثمن، فهذه تبطل بالموت ولا تورث.

  ومنها: ما شرع لدفع النقص وهو ما سواها، فيستحقها الوارث، كما هو القاعدة فيما يورث من الحقوق على ما مر في فصل الموت.

  فرع: ولكلٍ من هذه الخيارات سببٌ يترتب عليه، فسبب خيار الشرط وفَقْد الصفةِ الشرطُ الملفوظُ به في العقد، وقيل: إن الصفة المتواطئ عليها كالملفوظة.

  وسبب خيار الرؤية ومعرفة قدر المبيع والثمن الجهالة على الأصح، وقيل: سببها العقد، وقيل: الرؤية والمعرفة، وسبب ما سوى هذه النقص الحاصل في المبيع.