معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 242 - الجزء 1

  فرع: فكل من هذه الخيارات يصح إسقاطه بعد وجود سببه لا قبله، وما كان سببه ممتداً لم يصح إسقاطه كخيار التعيين وتعذر التسليم وخيار الرؤية ومعرفة مقدار المبيع على القول بأن سببها الجهالة.

  فرع: ويستحق خيار فقد الصفة بعدمها أيَّ وقت من وقت العقد إلى وقت القبض، فلو اشترى بقرة على أنها حامل ثم قبضها وقد ذهب حملها، كان له الفسخ، وكذا لو كانت وقت العقد غير حامل ثم قبضها وهي حامل، بخلاف خيار العيب؛ لأن العقد وقع مشروطاً عليها في اللفظ، ولما كان ذلك اللفظ هو السبب صح إسقاط الخيار بعده، ولو قبل فقد الصفة.

  مسألة: ولما كان العقد علةً تامةً للحكم كانت هذه الخيارات داخلة على الحكم، إلا خيار التعيين فإنه معَيّن لمحل الحكم فقط، ولذلك أجبر عليه من هو له، إذا انقضت مدته، ولم يبطل بانقضائها به.

  فرع: ولما كان المبيع فيه هو الأحد الدائر، اشترط صلوحه للحكم، فلم يصح أن يكون فيه ما لا يصح بيعه كالحرِّ وأمِّ الولد والوقف، وكان في التعيين شائبة إنشاء فاشترط صلوح المعين، فلا يصح في التالف ويصح بغير اللفظ على نحو ما سيأتي في الطلاق ونحوه إن شاء الله تعالى.

  فرع: فإذا أعتق أحدَ عبيده ثم باع أحدَهم قبل التعيين لم يصح، بخلاف العكس، وإن باع أحدَهم من زيد، ثم أحدَهم منه، لم يصح العقد الثاني مطلقاً، وإن كان الثاني من غيره صح بعد تعيين الأول، لا قبله، كما إذا باع أحد شيئين أحدُهما لغيره، فإن وقع التعيين على حق الغير كان موقوفاً.

  فرع: فإن جعل خيار التعيين للغير صح، وكان وكيلاً ويُطالَب به الأصلُ، فإن اشترط خروجه لم يصح؛ إذ لا يمكن إجبار الغير؛ لعدم تعلق المبيع به.

  فرع: ولما كان ما سوى خيار التعيين داخلاً على الحكم كانت معه على ثلاثة أضرب: ضربٌ مانعٌ من وجوده، وضربٌ رافعٌ له بعد وجوده، وضربٌ قاطعٌ له مانع من امتداده فقط.