معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 247 - الجزء 1

  والصلح بمعنى البيع، دون ما عدا هذه؛ ولذلك لم يقع البيع بمستقبل وماض على ما تقدم تحقيقه، بذلك علَّل بعض أصحابنا، ويلزمه مثل ذلك في الهبة على عوض؛ لما ذكرنا.

فصل: في صحة العقد وفساده وبطلانه

  قد اعتبر في العقد أركان هو مركَّب منها، وأوصاف هو متَّصِفٌ بها بعد كمال تركبه فالأركان: اللفظان المخصوصان، مع أهلية المتعاقدين، وصلوح المحل.

  والأوصاف: هي تلك الشرائط التي بعضها وجوديَّة وبعضها عدميَّة.

  فرع: فإن كملت أركانه وأوصافه كان صحيحاً موجِباً لحكمه، يحصل الملك فيه بنفس العقد.

  وإن تخلف شيء من أركانه كان باطلاً؛ لعدم المركَّب عند عدم بعض أجزائه.

  وإن كملت أركانه وتخلَّف بعض أوصافه كان فاسداً، يُملك المبيع فيه بالقبض الحقيقي فقط بإذن البائع؛ لأن العقد في نفسه موجود بجميع أجزائه، وإنما تخلفت صفات خارجة عنه، فثبت له حكم بين الحكمين.

  فرع: فعلم أن سبب الملك في الفاسد هو القبض المستند إلى العقد، لا مجردُ القبض، ولو كان بإذن المالك بعد انسلاخه عنه كما في الباطل، ولا العقدُ مشروطاً بالقبض؛ ولذلك كانت الفوائد كلها قبل القبض للبائع.

  فرع: ولو قال مشتري العبد فاسداً: إن قبضتك فأنت حر لم يعتق بالقبض؛ إذ هو إعتاق قبل سبب الملك، بخلاف ما لو قال المشتري بخيار البائع: إن ملكتك فأنت حر؛ لوجود سبب الملك، وكذا لو باعه فضولي، ثم أعتقه المشتري، ثم أجاز المالك.

  فرع: فإذا فُسخ العقد بطل حكم القبض؛ لاستناده إليه، فإن كان بحكم كان رافعاً للملك فتعود للبائع الفوائد الأصلية، كما قلنا في الضرب الثاني من الخيارات، وبغير حكم كالثالث سواء.