معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 255 - الجزء 1

  لأنهم لا يرون القياس على ما خرج عن القياس، وأكثر أصحابنا على منعها عملاً بالقياس المذكور، فإن العلة يصح تخصيصها بالقياس على ما عُرِفت علَّتُه ولو كان خارجاً عن القياس.

  قال في الغيث: ما ورد من الأخبار مخالفاً للقياس ففي صحة القياس عليه اختلاف كثير بين الأصوليين، أبو طالب⁣(⁣١) ممن يقول بصحة القياس عليه، والجمهور من أهل المذهب والمؤيد بالله⁣(⁣٢) يخالف في ذلك، والصحيح عندنا هو الأول.

  المسألة الرابعة: أن يُجعل عقدُ الزيادة عقدَ الأجل⁣(⁣٣)، وذلك بيع الشيء بأكثر من قيمته [لأجل الأجل]⁣(⁣٤)، وأجاز هذه من أجاز المسألة التي قبلها للدليل السابق لهم.

  وما روي من سبب نزول قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}⁣[البقرة: ٢٧٥]، وهو نص في المطلوب، وما رواه ابن عباس من قوله ÷: «إنما الربا في النسيئة»⁣(⁣٥) فمجملٌ لا يصح الاحتجاج به، وحينئذ يصح قياس الثالثة


(١) هو الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين الهاروني الحسني من أئمة الزيدية وعظماء الإسلام المجتهدين وهو فقيه العترة وعالمها وحافظها، أخذ عن علماء وقته ورحل إلى بغداد ولم يكن في عصره مثله مبرزاً في أنواع العلوم، بويع له بالإمامة سنة ٤١١ هـ بعد وفاة أخيه الإمام المؤيد بالله فاشتغل بصلاح الأمة وجهاد الظالمين ونشر الدين وتجديد معالم الإسلام حتى توفاه الله سنة ٤٢٤ هـ، ودفن بجرجان عن (٨٤) سنة، ومن مؤلفاته: التحرير وشرحه، والإفادة، والأمالي وغيرها، وهي أشهر من أن تذكر. انظر: التحف، والطبقات، وأعلام المؤلفين، وغيرها.

(٢) هو الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني الحسني، من أئمة الزيدية، وأحد رواد الفكر الإسلامي، أخذ عن علماء وقته فصار عالم الزيدية وإمامها، وبويع له بالإمامة عام ٣٨٠ هـ فأجابه أهل الجيل والديلم ودخل الري وآمل واستولى على هوسم؛ فنشر الإسلام وجدد الدين الحنيف، وله مؤلفات مشهورة منها: شرح التجريد. توفي يوم عرفة سنة ٤١١ هـ، وصلى عليه الإمام مانكديم يوم الأضحى بمدينة لنجا. انظر: التحف، والطبقات، والحدائق، وأعلام المؤلفين، وغيرها.

(٣) في (ج): عقد الأصل.

(٤) ساقط من (ج).

(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك مطولاً (٣٤٧/ ٢)، وأخرجه مسلم (١٥٩٤)، وابن عبدالبر في الاستذكار (٣٦١/ ٥).