[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  فرع: فلذلك لم يصح فيما تدق أوصافه كالجواهر والجلود والحيوانات، ولا في المعاجين المركبة التي يعظم التفاوت فيها، ولا في الأراضي؛ إذ لا يتجدد وجودها، ولا في الدور والآبار والمنارات والأشجار؛ لدقة أوصافها.
  فرع: ولما كان المسلَم فيه مبيعاً لم يصح التصرف فيه قبل قبضه، وإذا تفاسخا فيه بسبب أو غيره كان فسخاً لأصل العقد؛ لأنه قَبْل القبض، فيلزم ردُّ رأس المال بعينه، إن كان باقياً، وليس له أن يأخذ غيره عِوضاً عنه، ولا أن يشتري به من الغير شيئاً آخر؛ لأنه لما ناب عن المبيع في حضوره وقبضه في المجلس، صار عَوْدُه إلى المسلِم كأنه ملك آخر، فلم يصح التصرف فيه قبل قبضه، كما أشار إليه الشارع(١)، بخلاف ما إذا كان تالفاً، فإن له أن يأخذ بعوضه ما شاء كسائر الديون.
باب الشفعة
  هي من الحقوق التي أوجبها عقدُ البيع، وهي ثابتة استحساناً بالقياس الخفي؛ إذ هي لدفع الضرر، وهو مراد مَنْ قال: إنها موافقة للقياس، وهي مخالفة للقياس الجلي؛ إذ هي أخذ مال الغير بغير رضاه وهو مراد من قال: إنها مخالفة للقياس.
  مسألة: ووجه شرعيتها المحافظة على حق الشريك والجار مع رعاية حق البائع والمشتري حيث نُفِّذَ عقدُهما، ووُفِّرَ على المشتري بدل المبيع وهو الثمن، وباعتبار ذلك رجح عليَّة(٢) القياس الخفي على علة الجلي، وهو كونها أخذ حق الغير كرهاً.
  فرع: ولذلك ثبتت في المنقول وغيره؛ لعموم الحق، ولم تثبت في عقود(٣)
(١) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ÷: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» أخرجه أبو داود (٣٤٦٨)، وابن ماجه (٢٢٨٣)، وأخرج الإمام زيد # في المجموع عن علي # قوله: (لم يكن له أن يأخذ إلا الطعام الذي أسلف فيه أو رأس ماله، وليس له أن يأخذ نوعاً من الطعام غير ذلك النوع)، وعن ابن عمر قوله: «إذا أسلفت في شيء فلا تأخذ إلا رأس مالك أو الذي أسلفت فيه» أخرجه عبدالرزاق، وأخرجه ابن أبي شيبة. هكذا قال ابن حجر في الدراية.
(٢) في (ب، ج): «علَّة».
(٣) في (ب، ج): «لعموم».