معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 270 - الجزء 1

فصل: [في المزارعة والمغارسة والمساناة والمساقاة والمباذرة]

  والمزارعة والمغارسة والمساناة والمساقاة والمباذرة أنواع من الإجارة فيما عقد فيه على عين من أحدهما، كان حكمها حكم المبيع، وعلى عمل من الأجير كان أجيراً مشتركاً، وعلى منفعة من الأرض كانت مؤجرة، فيشترط في كلٍ شرائطه، ويكون حكمها في الصحة والفساد والبطلان ما تقدم، وإذا لحقها فسخ أو إقالة عادت كل عين لمالكها، ووجب لكلٍ أجرة ما انتفع به شريكه من⁣(⁣١) ملكه، وأجرة عمله في ملك شريكه.

  فرع: وفي فوائد الأعيان كثمار الأشجار وأجرة الأراضي والبنيان ونحوها ما تقدم من التفصيل في فوائد المبيع المفسوخ، من الفرق بين الفسخ بالحكم والتراضي، والفوائد الأصلية والفرعية.

فصل: [في الهبة والنذر والصلح والبراء والهدية]

  وهبة المال والنذر به والصلح عنه والبراء عنه حيث كان ذلك على منفعة كالإجارة يصححه ما يصححها، ويفسده ما يفسدها.

  وأما الهدية طلباً لنفع مضمر فكالاستئجار فاسداً؛ لعدم العقد فيملك بالقبض، ويترادان الفضل بين قيمتها وقيمة المنفعة، وله المطالبة بقيمتها حيث لم تحصل المنفعة، فإن كانت المنفعة واجبةً أو محظورةً وجب التصدق بها؛ لأنها ملكت بسبب محظور، كما أشار إليه الشارع⁣(⁣٢)، وقياساً على المظلمة الملتبسة.

  وللمُهْدي المطالبة بالقيمة حيث لم تحصل المنفعة، وكذا إذا حصلت أيضاً؛ إذ لا قيمة لها شرعاً، كما إذا استأجره على عمل محظور ففعل وقبض الأجرة فإن له استرجاعها.

  فرع: فإن كانت الهدية مشروطةً في اللفظ بتلك المنفعة فهي باقية على ملك


(١) في (ب): «في».

(٢) بنحو ما رواه الإمام زيد عن آبائه عن النبي ÷ قال: «كسب البغي والمغنية حرام»، وكالأخبار الدالة على تحريم ثمن الخمر والمغنيات ونحوها، وكالأخبار الدالة على تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن.