معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 269 - الجزء 1

  فيكون حكم المستأجر فيها حكم الأجير المشترك.

  وقد تكون بمنفعة البُضع نحو: أجَّرتُ منك داري بنكاح ابنتك وقد تكون خروج البضع نحو: أجرت منك داري بطلاق زوجتك، فيكون خلعاً، وقد يكون إسقاط حقٍ عن الأجير، ولا بد من تقويمه كالقصاص والعتق؛ لأنهما مال في المعنى؛ لوقوعه بدلاً عنهما.

  وقد تكون إسقاط منفعة كأن يستأجر دابته بإسقاط سكنى داره، أو خياطة ثوبه اللذَيْن كان يستحقهما عليه من قَبْلُ بإجارة أو نذر أو غيرهما، ومن أجاز الصلح مع الإنكار أجاز كونه إسقاط دعوى، فأما بعد ثبوت الحق فيصح على القولين⁣(⁣١) بأن إسقاطها إسقاط الحق، لا على غيره.

  فرع: وقد تكون الأجرة بعض المعمول كعلى عمل حديدٍ سكاكين بثلثه، أو على طحن حبٍّ بنصفه حيث أطلَقا، وحينئذ لا يجب على الأجير عمل حصته، فإن قال: بثلثه معمولاً فالقياس الفساد؛ لعدم الأجرة مع كونها قيميَّة أو مثلياً متعيناً، بخلاف المجهول⁣(⁣٢)، فإنه يصح جعل بعضه أجرة لوجوده، لكن يشترط تعجيل الأجرة، ولا يجب عليه حمل حصته، وله أخذها فيما قسمته إفراز، وطلب القسمة في غيره، وكذا في⁣(⁣٣) رعي غنم ببعضها.

  فرع: ولكون الإجارة من جنس البيع لحقها الفسخ والإقالة، وهي هنا فسخ اتفاقاً، فانقسمت إلى صحيحة وفاسدة وباطلة، ولزم في الفاسدة قيمة المنفعة بعد استيفائها وقبض العين المعمولة، ولا يكفي في إجارة الأعيان التمكن من الانتفاع، وقيمتها هي أجرة المثل، ويملك المسمى بالقبض، فيكون حكمه حكم المبيع فاسداً حيث يملك بالقبض.


(١) في (ب، ج): «القول».

(٢) في (أ) و (ج): «المحمول» تظنينًا.

(٣) في (ب، ج): «على».