معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 302 - الجزء 1

  وقد انقطعت فعلى القول بالسراية لا طلاق [لا]⁣(⁣١) في البعض؛ لعدم صلاحية المحل، ولا في الباقي؛ لعدم علته.

  وعلى القول الآخر تطلق؛ لأن التعليق واقع على الحكم معنى، فلا يضر فوت البعض.

  فرع: وهكذا كل حكم لا يقبل التجزؤ كالرقِّ والشفعة والخيار، فإسقاط بعضها إسقاط لكلها بالطريق المذكور، لا ما يقبل التجزؤ كحق الاستطراق والمسيل ونحوها، فإذا أسقط بعض الاستطراق إلى أرضه سقط الاستطراق إلى بعض أرضه تجزئةً للحق؛ لتجزئةِ محله، لكونه كالأسباب المتعددة، فيلزمه التمييز.

  فرع: ولما كان موضوع الطلاق شرعاً إسقاط الحق المعلَّق بالزوجية كان محله هو الزوجة فإذا قال: أنا طالق لم يقع شيء عندنا، ولو نوى؛ إذ لا يحتمله اللفظ، بخلاف: أنا بائن، أو حرام، أو خَلِيٌّ؛ لأن معانيها لازمة لمعنى الطلاق فإذا نواه بها وقع إما مجازاً أو من قبيل الكناية.

فصل في الطلاق المبهم

  ولكونه حقاً من حقوق العباد المحضة غير مشوب بشيء من القربة بل هو منافٍ لها، إذا أوجبه العبد على نفسه بأن يقول: عليَّ لله أن أطلق لم يجب، بخلاف العتق وصدقة المال؛ إذ هما مما يثبت في الذمة.

  فرع: فإذا طلق إحدى نسائه غير معينة وقع الطلاق على واحدة مبهمة لا يملك تعيينها؛ إذ لا يثبت الطلاق في الذمة.

  وذهب كثيرون إلى أن الطلاق كالعتق والصدقة في ثبوت تعيينه في الذمة، وإن خالفهما في أنه لا يثبت بنفسه في الذمة، فقد يثبت لتعين الحكم ما لا يثبت له في نفسه، فإن من أسقط إحدى الشفعتين أو الخيارين في مبيعين صفقتين لزمه التعيين، ومن باع أحد شيئين لزمه التعيين على ما مر في البيع، وإن لم يكن لشيء من ذلك ثبوت في الذمة.


(١) ساقط من (أ).