معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 311 - الجزء 1

  والشافعية، وذلك لأن التعليق مؤخِّر للحكم فقط، فهو داخل عليه، لا على السبب، خلافاً لبعض أصحابنا والحنفية، بناء منهم على أن اللفظ إنما ينعقد سبباً عند وقوع الشرط.

  فرع: فيشترط عندنا: صلاح المحل حال الإيقاع، واستمراره إلى وقت وقوع الشرط، فلا يصح الطلاق قبل النكاح، ولا العتق قبل الملك، ولا النذر والوصية والتوكيل في التصرف قبله، ولا البراء قبل اشتغال الذمة، ولا الحجر قبل الدَّين، ولا الإباحة قبل الملك، ونحو ذلك.

  فرع: وكصلاحية المحل وجود سببه الموجب له؛ ولذلك صح عتق من تلده أمته، والنذر والوصية بما تُغِله أرضه، والبراء من نفقة العدة، على أحد القولين، كما مر، والتوكيل على إنكاح من في العدة بعد انقضائها، ولذلك صح توكيل وكيل الشراء بالبيع تبعاً للتوكيل بالسبب، وكذا بطلاق من وُكِّل باستنكاحها وأمثال ذلك.

  فرع: وعند الحنفية يصح تعليق هذه الإنشاءات وإن لم يكن المحل صالحاً ولا⁣(⁣١) وُجِدَ سببُ صلاحيته، لكن بشرط أن يقع التعليق بأسباب الصلاحية نحو: إذا تزوجتُ امرأةً فهي طالق، أو ملك⁣(⁣٢) عبد فهو حر، أو نذرٌ أو وصيةٌ، أو أنت وكيل [بطلاقها⁣(⁣٣)]، أو أنت وكيل ببيعه، لا إذا كان التعليق بغير ذلك فلا يصح اتفاقاً؛ لأن الإنشاء المعلق وإن لم يكن سبباً تاماً فهو سبب ناقص، فلا بد فيه من شبهة الصلاحية، وهي حاصلة عند التعليق بسببها؛ لأنها متيقنة عند وجود الشرط. بخلاف ما لو قال لغير امرأته: أنت طالق إن دخلت الدار، ثم لم تدخل إلا وهي امرأته؛ ولذلك وقع الاتفاق على منعه.


(١) في (ب): «أوْ لا وجد».

(٢) في (ب): «أو ملكت عبداً».

(٣) ساقط في (ب، ج).