[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  السيد أصلاً؛ إذ لم يصدر منه إسقاط لحقه، ولا جعلت القيمة في اللزوم كسائر الديون تجب عند التمكن فقط من غير استسعاء، كما إذا اشترى نفسه من سيده.
  فرع: ولذلك قال بعضهم: إن ولاء العبد حيث سعى باقٍ على الاشتراك؛ إذ سعايته للشركاء كأنه اشترى نفسه منهم.
  وقال الجمهور: إنه للمعتِق؛ إذ هو في مقابلة الإعتاق.
  فرع: فلو أذنوا له بعتق أنصبائهم فأعتق نصيبه فقط، ضمن على قول الجمهور حيث كان موسراً؛ إذ هو وكيل، وقد خالف لتفويت حصتهم من الولاء، وكذا لو أعتق الكل؛ لأنه بطل عليهم ولاء حصته، وكذا لو أذنوا له بعتق الكل فأعتق حصته؛ لأنه أبطل ولاء حصصهم، لا إذا أذنوا له في حصته فأعتق الكل؛ إذ لا وكالة، وإنما هو إذْنٌ تبطل به الضمانة، وتتعين السعاية.
  فرع: ولما لم يقبل العتق التجزؤ لم يقبل محله التجزؤ فسرى من الجزء إلى الكل، ومن الكل إلى الجزء حيث استثنى جزءاً.
  والتحقيق: أن استثناء الجزء رجوع؛ لأنه مستلزم للاستغراق فلا يصح. وأما الحمل فهو جزء من جهة أمِّه؛ إذ الولد جزء مع كونه متصلاً، ولذلك يدخل في قيمتها وديتها ويدفن معها، ولو كان مسلماً وهي كافرة، فيكون عتقُ أمِّه عتقاً له ولو استثناه كسائر الأجزاء، وهو مستقِل من جهة نفسه؛ إذ هو إنسان آخر ذو ذمَّةٍ صالحة لأن يجب لها وعليها، كما تقدم في فصل الصبي، فلا يكون عتقه مستلزماً لعتق أمِّه، بخلاف غيره من الأجزاء الحقيقية، وقد تقدم في الطلاق تحقيق معنى السراية.
فصل: في وقوع العتق بألفاظ التمليك
  لما كان العبد مالاً متقوَّماً صح تمليكُه نَفْسَه بأي لفظ من ألفاظ التمليك، فإذا وهبه لنفسه وهو كبير أو صغير مميز، عتق بالقبول، ولا يحتاج قبضاً عند من
= ماله إن كان له مال فإن لم يكن له مال استسعي العبد في قيمته غير مشقوق عليه» أخرجه البخاري (٢٤٩٢)، ومسلم (١٥٠٣)، وابن ماجه (٢٥٢٧) واللفظ له.