معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 333 - الجزء 1

  عقدا عليها الشركة إلى أخرى تمنع منها إلا برضى الآخر.

  فرع: وعلم من كون الشريك جانياً أنه لا فرق بين كون حصة شريكه وقفاً أو غيره على الأصح، فيسري إلى الوقف.

  وعلم أنه إذا كان الشركاء ثلاثة فأعتق اثنان نصيبهما، كان ضمانهما للثالث على سواء ولو تفاوت حصتاهما؛ لحصول الجناية من كل منهما، وهي سبب الضمان كمقتول لقاتلين ضَرَبَه أحدُهما ضربةً والآخرُ مائةَ ضربة.

  وعلم أن الإعتاق جناية سواء كان به نفسِه أو بسببِه حيث كان باختياره كملك شقصٍ من ذي الرحم.

  فرع: وكان القياس يقتضي ثبوت الضمان على المعتِق، ولو معسراً كسائر الجنايات، كما ذهب إليه بعضهم، لكن عُدِل مع الإعسار إلى سعاية المملوك استحساناً بنص الشارع وبالقياس الخفي، وذلك أنه لما مَلك نفسَه بغير رضا سيده وجبت عليه القيمة؛ لئلا يسقط عنه العوضان معاً.

  ولأنه بملك نفسه كالمستهلِك، والمعتِق كفاعل السبب، ولا حكم له مع المباشر إلا في كونه عاصياً، ولهذا القياس ذهب جماعة إلى كون الضمان على العبد مطلقاً.

  وأصحابنا عَمِلوا بالقياسين معاً، فبالأول مع تمكن المعتِق وقت الجناية من الضمان كلِّه أو بعضِه ولا عبرة بما عرض، وبالثاني مع إعساره وَقْتَها⁣(⁣١) من كله أو بعضه، ويقولون: إن المعتِق كالمباشر؛ لأنه المستهلِك حقيقةً مع كونه أهلاً للعقوبة لتعدِّيه، ولذلك إذا أذن له الشريك سقط الضمان.

  فرع: وإنما وجبت السعاية مع الإذن؛ لأن المملوك مال متقوَّم، وقد صار في يد نفسه مالكاً لمنافعه بغير رضا سيده، فوجبت عليه السعاية في قَدْرِ قيمته، وهو في الحقيقة تعجيل بعض تلك المنافع التي كان القياس يقتضي بقاءها في ملكه من غير إضرار، كما نبه عليه الشارع⁣(⁣٢)، ولذلك بولغ فيها حيث لم يسقط حق


(١) في (أ): «فيها».

(٢) عن أبي هريرة أن النبي ÷ قال: «من أعتق نصبياً له في مملوك أو شقصاً فعليه خلاصه من =