معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 341 - الجزء 1

  وإذا مثل بالمكاتب سيدُه وجب عليه عتقه، فإن تراخى حتى سلَّم المال طاب له وأثم بتفويت حق الله تعالى، وإذا جنى عليه الغير ما يوجب قصاصاً كان سيده مخيراً إن شاء اقتص، وإن شاء أخذ القيمة أو الأرش، والأرش من جملة كسبه، وإن جنى على الغير كان من جملة ديونه.

  فرع: ولكونه ناقص الملك ملك منافع بدنه وأرش الجناية عليه كما ذكرنا، وكانت المطالبة فيه إليه، وكانت منافع ما وقف عليه له، وكذا ما وُهِبَ له، أو نُذِرَ به عليه، أو أُوصيَ به له ونحوه، ووجب على سيده أجرته حيث استعمله أو حبسه. وحرم عليه وطء المكاتبة، فإن فعل لزمه المهر، ولم يكن له تزويجها إلا برضاها والمهر لها.

  فرع: وإنما ملك منافعه مع بقاء الرق على خلاف القياس؛ ليتمكن من تسليم مال الكتابة، ولذلك لم يملك إلا أمرين:

  أحدهما: ما به بقاء النفس عادة كالأغذية والملبوسات المعتادة.

  وثانيهما: ما كان موصِلاً إلى الإيفاء عادةً كأنواع المعاوضات المعتادة لا الغبن الفاحش ولا التبرعات والنكاح، وشراء من يعتِق على سيده بل تكون هذه موقوفة على عتقه أو إجازة سيده.

  فرع: ولكون في العتق⁣(⁣١) حق لله تعالى كما مر، كانت الكتابة مندوبة حيث كان العبد من أهل القربة، كما أشار إليه الشارع⁣(⁣٢)، وجعل له سهماً⁣(⁣٣) في الصدقة، ولم يصح فسخها بالتراضي حيث وجد الوفاء.

  وإذا مات وقد سلَّم بعض مال الكتابة، وترك ما يوفي أخذَه السيد وفاءً لتتم الحرية، لا إذا ترك دونه فإنه يقسط بينه وبين الورثة.


(١) في (أ): «العين».

(٢) بقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}⁣[النور: ٣٣].

(٣) في (ب): «وجعل له سهم» وفي (أ): «شبهًا».