الضرب الثاني: الأفعال
  على ملك الأول كما في استثناء البائع منافع المبيع، فثبتت لها أحكام الملك، وله تحويلُها إلى أيِّ حق شاء، وأخذُها لنفسه، وتورث عنه حيث جعلها لنفسه، أو(١) حَوَّلَها إليها. فإن استثناها لغيره لا عن حق فهو تمليك لذلك الغير، وتورث عنه، ولا يَمْلك تحويلَها إلى غيره على الأصح، وكذا حيث جعلها من أول الأمر لنفسه أو لغيره عن حق أو لا عن حق في جميع ما ذكرنا في صور الاستثناء.
  فرع: وجعْلُ الواقفِ المنفعةَ لمصرف مخصوص بيانٌ للمقصود من الوقف، فإذا بطلت تلك المنفعة وجب البيع لإعاضته بما فيه تلك المنفعة؛ لوجوب العدول إلى البدل عند تعذر الأصل في أحكام كثيرة.
  فرع: فإذا وقف ناقةً على زيد وعمرو، لزيدٍ الظَّهرُ ولعمرو الدَّرُ، ثم تعذر إحدى المنفعتين، وأيس من عودها، بيعت لإعاضتها بما فيه المنفعتان على القول الأول، وبقيت على القول الثاني حتى تنقطع الأخرى، ثم تُباع للمصالح.
  بخلاف ما إذا وقفها على زيد، واستثنى الدَّر لعمرو، فانقطع الدَّر، فلا بيع؛ إذ لا حق له في العين، وإن انقطعت المنافع كلها إلا الدَّر، بيعت لمنفعة زيدٍ فقط.
  فرع: فإن اشترى بها ناقةً أخرى ذاتَ دَرِّ فهل يكون دَرُّها لعمرو كالأول أم لزيد فقط؛ لانقطاع حق عمرو؛ إذ لا حق له في العين الأولى، فلا ينتقل إلى بدلها، أو للمصالح؛ إذ لا يستحقها عمرو، كما ذكرنا، ولا زيدٌ للاستثناء من الأصل، فتتبع الرقبة، أو ترجع للوارث(٢) أو ورثته؛ لبقائها بالاستثناء في ملكه؟ والوجه الثاني أقربها.
  فرع: ومن استقرت له المنافع بوقف واستثناء، صح تصرفه فيها بأنواع التصرف من إجارة ووصية ونذر وورثت عنه وقضيت منها ديونه كسائر أملاكه، وهذا على القول الأول.
(١) في (أ): «و».
(٢) لعلها: «للواقف» كما هي في (ج) تظنينًا.