الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: ولكونها ضم ذمة إلى ذمة كانت الذمة الأولى أصلاً للثانية فتبرأ الثانية بإبراء الأولى من غير عكس، خلافاً لبعضهم، نظراً إلى أن انضمام إحداهما إلى الأخرى صيَّر كلا منهما أصلاً مستقلاً فتبرأ كل منهما بإبراء الأخرى.
  فرع: ولكون الأولى أصلاً قالت الحنفية: لا تصح الضمانة عن الميت المعسر؛ لأن ذمته خالية، إذ لا مال له ولا مؤاخذة عليه في الآخرة.
  والجمهور يقولون: إن ذمته مشغولة، ولذلك لو تبرع عنه متبرع أو ملك شيئاً بسبب متقدم صح ذلك، وقد تقدم في فصل الصبي في أول الكتاب زيادةُ بيانٍ.
  فرع: ولكونها ليست بالتزام [من](١) محض صح الرجوع في المعلقة قبل ثبوت الحق، ولم يبطل الإبراء منها بالرد، وسقطت بإبراء الأصل، ولم تصح بما ليس في ذمة. ولو كانت التزاماً محضاً كالنذر لم يصح فيها شيء من هذه الأحكام.
  فرع: وقد علم أنها حق للمضمون له فإن كان الذي له الحق فهي الكفالة المعروفة، وإن كان الذي عليه الحق فهي ضمانة الدَرَك نحو: أن يضمن البائع أو غيره للمشتري ما يلزمه من قيمة المبيع أو أجرته عند ظهور استحقاقه.
  فأما تضمينه قيمةَ ما يَغْرم فيه من غرس أو بناء فإنما يصح بالقدر الذي يرجع به على البائع للتغرير وهي الغرامة التي لم يعتض عنها على نحو ما سيأتي في العارية إن شاء الله تعالى.
  وهي ضمانة كفالة؛ إذ هي بما في ذمة البائع، ويصح الرجوع عنها قبل ثبوت الحق في الذمة على ما مر.
  وأما الضمانة بأكثر من ذلك فلا يصح؛ إذ ليس في ذمةٍ إلا أن يجعل ذلك التزاماً محضاً بمعنى النذر ويراد بلفظ الضمان ذلك وهو مستعمَلٌ فيه عرفاً، وكذا إذا كان الضمان بمثل ما يلزم المشتري، كما تقدم الإشارة إليه، وعلى هذا يحمل قول بعض أصحابنا: إنه يصح الضمان بما ليس في الذمة نحو: أن يضمن لغيره
(١) زيادة في (أ).