معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 358 - الجزء 1

  فرع: ولكونه معاوضة حقيقية⁣(⁣١) لم يصح إلا بين الأموال أو ما في حكمها كالمنافع والحقوق التي تؤول إلى المال، فلا يصح بالمال عن إسقاط الشفعة أو الخيار ولا العكس؛ إذ لا تصح المعاوضة عن الحقوق المحضة، ولذلك لم يصح عند الأكثر [إلا]⁣(⁣٢) مع الإنكار؛ لأنه يصبر على إسقاط الدعوى وهي حق محض، وجوزه بعض أصحابنا والحنفية؛ لأنها قد تؤول إلى المال.

  فرع: فإذا صُولح عن القصاص في النفس أو الأطراف بأكثر من الدية والأرش فإن وقع على نفس الحق صح؛ لأنه يؤول إلى المال، وإن وقع على الدية والأرش لم يصح إلا إذا كان من غير جنسهما⁣(⁣٣) للزوم الربا، هكذا قيل.

  وقد يقال: بل يصح مطلقاً؛ لأن الدية أجناس فيمكن جعل المصالَح من غير جنسه فيُحْمَل عليه كما حمل البيع على الصحة في مسائل الاعتبار.

  فرع: ويصح الصلح عن المنافع وعلى إسقاطها؛ لأنها في حكم المال، فلذلك قوبلت بالمال وجعلت مهراً، فمن استُحِق عليه خياطةُ قميصٍ أو نحوها بنذر أو نكاح أو غيرهما، فله أن يصالح عنها بمال. وإن استُحِق بإجارة فكذا أيضاً إن جوزنا للأجير أن يستنيب المستأجِر على ما مر في الإجارة، فإذا استأجره بعشرة دراهم فصالحه الأجير بعشرين، استَحق عليه عشرة، وساقط⁣(⁣٤) العشرتان.

  فرع: وقد علم أنه لا يصح الصلح بمجهول⁣(⁣٥) مطلقاً؛ إذ لا يصح أن يكون العوض مجهولاً في جميع أبواب المعاوضات المالية، وأنه يصح بمعلوم عن مجهول حيث كان بمعنى البراء لصحة البراء عن المجهول، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  وكذا إن كان بمعنى البيع أو الإجارة والمبيع أو المنفعة هو المعلوم المصالَح


(١) في (ب، ج): «حقيقة».

(٢) زيادة في (ب، ج).

(٣) في (ب، ج): «جنسها».

(٤) في (ب، ج): «وتساقطت».

(٥) في (ب، ج): «بالمجهول».