معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 362 - الجزء 1

  فاستحقت الأولى أو تلفت قبل القبض، بطل البراء عن أربعين ونحو ذلك.

  فرع: فإذا كان لكل من الرجلين على صاحبه دَيْنٌ فأبرأ كل منهما الآخر عما⁣(⁣١) في ذمته اعتبر فيهما أحكام الصرف إن كانا نقدين، وأحكام الربويات إن كانا مكيلَين أو موزونَين ونحو ذلك.

  فرع: ولشبه البراء من الحقوق المالية بالتمليك بطل بالرد في المجلس كما قلنا في النذور، وإذا وقع على عوض مضمر أو غرض ثم تعذرا كان للمبري الرجوع وهو فوري؛ لأنه لم يبق له إلا حق ضعيف فبطل بالتراخي كما قلنا في نظيره، وأما الحقوق المحضة فلا رجوع فيها لعدم الشبه.

  قال بعض أصحابنا: ولا فيما قوبل بغرض؛ إذ ليس بمال، فلا يعتبر المال في مقابلته.

  فرع: فإن أبرأه على أن يهب له كذا وقع بالقبول، ثم إذا لم يهب ثبت للمبرئ الرجوع اتفاقاً؛ لأن الغرض هنا يؤول إلى المال، ولذلك كان الطلاق على أن يبرئ خلعاً كما مر، بخلاف ما إذا أبرأت زوجها على أن يطلق فقَبِلَ ولم يطلق ففي الرجوع الخلاف.

  فرع: فإذا أبرأ غيره من دَيْن مجهول في القدر على أنه حقيرٌ أو أن المستبرئ فقير ثم انكشف خلافه، فإن شرطه في اللفظ فظاهر، وإن كان متواطأ عليه فقط فقد ذكر بعض أصحابنا: أنه ينفذ؛ لأنه كالواقع في مقابلة عوض⁣(⁣٢) متعذر لكن يأثم بالتدليس.

  وقال بعض أصحابنا: لا ينفذ لأنه كالمشروط، والقياس يقتضي نفوذه واستحقاق الرجوع.

  فرع: ولكون البراء عما في الذمة لم يصح عن الحق المستقبل؛ لعدم ثبوته فيها


(١) في (ب، ج): «على ما».

(٢) في (ج): «عرض».