معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 361 - الجزء 1

  خالف في هذه الأحكام فهو بانٍ على أنه تمليك.

  فرع: وعلم أنه يصح عن كل حق ثابت في الذمة مالياً كان كالديون وعمل الأجير ومنافع العين المستأجَرة؛ إذ هي شبيه بالدين، ولذلك صح إسقاطها على مال، وكذلك القصاص والدعوى عند جماعة.

  أو غير مال كالخيارات والأجل والقَسْم بين الزوجات والكفالة بالوجه والشفعة والدعوى عند جماعة وغيرها.

  فرع: وعلم أنه لا يصح عما ليس في الذمة كحق المسيل والاستطراق ووضع الخشب ونحوها؛ لأن محلها العين دون الذمة، ولذلك بقي استحقاقها مع اختلاف مالك العين، بخلاف الشفعة ونحوها، فإنها مع تعلقها بعينٍ مخصوصةٍ ثابتةٌ في الذمة؛ إذ يجب على من هي عليه التسليم، ولذلك قلنا: إن الشفيع يملكه بعقد البيع السابق.

  فرع: وقد لزم أن البراء من الأعيان ينصرف إلى الحقوق المتعلقة بها؛ إذ هي الثابتة في الذمة، كما إذا أبرأ مما يصح ومما لا يصح فيسقط الضمان في المضمونة وأما الأمانة فلا حق فيها إلا الصيانة عن التعدي، فتنقلب إباحة حينئذ، كما إذا أبرأ الغاصب من الجناية عمداً.

  فرع: وإسقاط الحقوق المالية وغيرها يصح على عوض مال وغيره، لكن لا يستحق المال حيث الحق محض، وإنما يستحق حيث عقد على مال؛ لأنه حينئذ يشبه التمليك، فيصير البراء حينئذ بيعاً أو صرفاً أو إجارة، فيعتبر في كلٍ شرائطُه.

  فرع: فإذا قال: أبرأتك من ذلك الدين النقد على هذا الثوب فبيعٌ، وعلى هذه الحِلْية فصرفٌ، وعلى سكنى هذه الدار فإجارةٌ في الأعيان، وعلى خياطة هذا القميص فإجارة في الأعمال.

  وإن أبرأه من بُرٍّ في ذمته على شعير معين كان بيعاً في الربويات، وعلى ذلك لو أبرأه من مائة درهم على سلعتين قيمة إحداهما عشرون وقيمة الأخرى ثلاثون