معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 367 - الجزء 1

  فرع: فعلم أنه لا جناية بالرجوع في المؤقتة بعد الوقت، وأنه إذا أعار لقبرِ مَنْ له حرمة لم يكن له رجوع حتى تذهب الحرمة باندراس أو غيره؛ إذ قد سلطه على الاستهلاك حكماً، وكذا إذا أعار خيطاً لرتقِ جُرْحِ حيوانٍ محترم، فإن تعدى المالك أو غيره في نبش الميت أو فتق الجرح لم يكن للمستعير الإعادة.

  فرع: وسبب هذا الضمان هو نفس الإعارة؛ إذ رجوع المعير في المطلقة وقبل الوقت في المؤقتة يكشف عن كونها تغريراً، فالرجوع شرط أو علامة كرجوع الشاهد، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فإذا وقع البراء من المستعير من هذا الضمان بعد الإعارة وقبل الرجوع، صح.

  فرع: فإذا اشترى المستعير الخشبة التي بنى عليها أو الأرض التي بنى فيها أو غرسها أو زرعها أو استأجرها بعد رجوع المعير، سقط الضمان ولو بأكثر من المثل؛ إذ قد صار مستحقاً للبقاء، فإن انقضت مدة الإجارة في المطلقة وقبل انقضاء الوقت في المؤقتة، عاد الضمان لما بقي.

  فرع: فإن تمرد المستعير عن ردِّ الخشبة ونقْض بنائه وقلْع غرسه مدةً ثم نقض، استحق المعير أجرة الخشبة تلك المدة والمستعير أرش البناء بعدها، فيتقاصَّان أو يترادان.

  فرع: ولما كانت العارية في يد المستعير لمجرد نفعه وجب عليه الرد عند ارتفاع الإباحة، بخلاف الوديعة إذا أمسكها⁣(⁣١) لنفع المالك فقط، ووقع الخلاف في المؤجرة إذا أمسكها⁣(⁣٢) لهما معاً.

  وإنما وجب ردُّ المضمونات كالعين المعمول فيها والعارية المضمنة والمرهون والمغصوب تبعاً للضمان.

  فرع: ولما خَلَتِ العارية عن المعاوضة والتعدي في إمساكها لم يجب ضمانها كالوديعة واللقطة والعين المؤجرة، وإنما يضمن ما فيه أحد الأمرين، فالأول


(١) في (ب، ج): «إذ إمساكها».

(٢) في (ب، ج): «إذ إمساكها».