معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 393 - الجزء 1

  فرع: وقد علم أن اليمين حق للمدعي فله إسقاطها، وليس له الرجوع عنه، ولا تجب إلا بالطلب، وتجب إعادتها حيث فُعِلَت قبل الطلب؛ لأنه سببها.

  فرع: وقد علم أن متمسك المدعى عليه يتقوى باليمين فيضعف حق المدعي فليس له طلب التضمين إلا قدر المجلس فقط، ومن هنا يعرف أن فيها حقاً للمدعى عليه، ولذلك لم يكن له الرجوع عن ردِّها على المدعي، وإذا امتنع المدعي من استيفائها ناب عنه الحاكم، كما في سائر الحقوق.

  فرع: وقد علم أن بينة ذي اليد غير مسموعة إلا أن يضيف إلى سبب ناقل عن الغير؛ إذ قد صار خارجاً حينئذ فيقع التعارض بينها وبين بينة الخارج. وتحقيقه: أن بينة الخارج حينئذ لا تخلو من ثلاثة أحوال: إما مطلقة غير مُضِيفة إلى سبب، أو مضافة إلى سبب ناقل عن ذلك الذي أضاف إليه ذو اليد، أو ناقل عن غيره.

  ففي الحالة الأولى: تُقَدم بينة الخارج؛ لأنها لما كانت مخالفة للظاهر من غير شبهة للشهود كانت أكثر تحقيقاً.

  وفي الحالة الثانية: يُقَدم الأقْدَمُ تاريخاً؛ إذ هي أكثر تحقيقاً؛ إذ لا يُؤْمَن كون تقدم اليد شبهة لشهود الأخرى، وسواء كان التقدم صريحاً أو دلالة، كأن يكون التاريخ في أحدهما فقط أو لا تاريخ في واحد منهما فالتقدم في الأول المؤرخة، وفي الثاني ذاتُ اليد؛ لأنها مظنة التقدم.

  وفي الحالة الثالثة: قيل هما سواء؛ إذ لا يتصور شبهة لشهود أحدهما، والقياس ترجيح المتأخرة تاريخاً حملاً لهما على السلامة، وقد ذكره بعض أصحابنا، وأما ما ذكره بعضهم من ترجيح الخارجة فلا وجه له؛ إذ كل منهما خارجة.

  فرع: فأما لو تعارضت البينتان على وجه يُعلم كذبُ أحدهما فإنهما تبطلان معاً ويُرْجَعُ إلى اليد، وقيل: بل يُرجع إلى الترجيح فتُحْمل الراجحةُ على الصدق، فترجح الخارجة على ذات اليد.