معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 405 - الجزء 1

  فيه نفس المنع كالمتحجَّر ومضرب الخيمة، أو كانت الصلاة تمنع من استيفائه كالصلاة في النادي ونحوه وقت الحاجة إليه.

  ومنها: الاسترسال خلف الصيد أو إرسال الكلب عليه بحيث يُعَدُّ عادة من تصيُّده، فإنه يحرم على الغير اصطياده لثبوت حقه فيه.

  فإن كان يعلم من جهة العادة عدم اصطياده فلا حق له فيه، وكذا لو جوّز الأمران؛ إذ الأصل عدم ثبوت الحق.

  ومنها: إحياء الأرض تحت صُبابة أرض الغير، فإنه سبب في ثبوت حق الصُّبابة، وتلزمها حق الإساحة لمن عليه الصبابة، وهذان الحقان متلازمان في الابتداء لا في البقاء؛ إذ قد يفترقان بلفظ تمليك أو استثناء.

  فرع: فإذا كان لرجل أرضان تشرب سفلاهما بصُبابة العليا فباع السفلى واستثنى الصُّبابة بقي له حق الإساحة، وإن باع العليا واستثنى الإساحة بقي له حق الصبابة.

  فرع: وحيث لا إساحة للأعلى إذا انساح منه ما يمكن دفعه عادة ضمن ما أفسد؛ إذ كأنه بفعله لا ما لا يمكن.

  ومنها: حق السبق إلى موضع في المسجد ليفعل فيه ما وضع له من صلاة أو ذِكْرٍ، فهو سبب لثبوت حقه في ذلك الموضع ما دام فيه، وكذا إن خرج غير مُضْرِبٍ بأن يكون في نيته الرجوع في الحال أو في مثل ذلك الوقت لمثل ذلك الذِّكْرِ، فيعود حقه بعوده في ذلك الوقت.

  فرع: ولا تجزي الصلاة في الموضع الذي فيه حق للغير؛ إذ الصلاة مانعة من استيفائه فكانت معصية، كما لا تجوز الصلاة في المتحجَّر ومَضْرَبِ الخيمة؛ لأنهما وضعا للمنع كما مر.

  فرع: وعلم أنه لا حكم لبسط السجادة حال الغَيْبَةِ؛ إذ قصد واضعها لمنع غيره في الغَيْبَة تعدٍّ منه لا يثبت له به حق، وأما في وقت الحضور فيكون أولى إن لم يسبق غيره، أو يكون له فيه حق بالعادة كما مر.