معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 407 - الجزء 1

  ومنها: الالتقاط: وهو سبب ثبوت حق الولاية [على اللقطة]⁣(⁣١) ووجه شرعيته المحافظة على التعاون في حفظ المال المحترم عملاً بموجَبِ الأخوَّة.

  فرع: ولما كان سبب الولاية التي هي حق للملتقِط كان حقه غالباً في الابتداء فلم يكن الالتقاط واجباً بل مندوباً ولما تبرع بحفظ حق الغير كان حقه غالباً في الانتهاء، فلم يكن للملتقط خلع نفسه بعد الالتقاط إلا إلى أهل الولايات العامة.

  فرع: ولما كان المقصود الحفظ كما ذكرنا اشترط أن يكون من موضع تلف، ووجب التعريف، وكانت أجرته على الملتقط لوجوبه عليه، وصح الالتقاط ممن يتأتى منه الحفظ، وإن لم يكن من أهل الولاية بل ولو كان مُوَلَّى عليه كالذمي والفاسق والصبي المميز والعبد على الأصح.

  فرع: ولما كان لقبضها وجهان في الوجود احتيج إلى نية قبضها لمالكها، فلو قبضها لنفسه كان غاصباً، وكذا لو نوى لنفسه إن لم يجد مالكها؛ لأن قبضها في الحال لا يصح أن يكون لنفسه حيث لم يجد مالكها، بل لا بد من تجديد القبض، وكذا لو أهمل النية؛ لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه فيكون غاصباً في هذه كلها.

  فرع: ولثبوت الولاية كان له نية الرجوع بما أنفق، وإليه صرفها بعد اليأس، وليس للإمام أو الحاكم نزعها من يده إلا حيث انعزل بالخيانة أو ترك التعريف.

  فرع: ولما كان الولاية إليه في الصرف أشبه الوكيل المفوَّض، فكان له صرفها في نفسه ومن يَمُوْنُ، وكذا قيمتها حيث باعها عند خشية تلفها، أو أتلفها غيره، فأما حيث تلفت في يده مضمونة عليه فعليه القيمة، وليس له صرفها في نفسه ونحوه؛ لأنها عما في ذمته فأشبهت الزكاة ونحوها من حقوق الله المالية على ما مر.

فصل: [اللقيط]

  والصبي اللقيط كاللقطة إلا أنه يجب التقاطه لحرمة الآدميين، فيكون حقه غالباً مطلقاً، ولا يصح التقاطه من غير ذي ولاية كالصبي والعبد والكافر؛ لأنها هي المقصودة لحاجة الصبي.


(١) ساقط من (ج).