[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  من الإرث ورضا الزوجة الجديدة بالزيادة على المستَحَقِ فإنه مسقط لما تستحقه من التفضيل. واكتفت الحنفية بأن يستعان بها عليهم ما دامت الحرب قائمة ثم تردَّ لهم.
  فرع: والخمس حق قائم في عين الغنيمة من وقت الاغتنام حتى كأن أهله من جملة الغانمين؛ ولهذا فارق الزكاة على ما مر في باب الخمس.
  ومنها: الاستيلاء قهراً في(١) دار الحرب على ما يصح تملكه، فإنه سبب الملك ووجه شرعيته ما تقدم من كون الكفر مصيِّراً للكافر(٢) من جنس ما يُملك من عُجْمِ الحيوانات، ثم سرى ذلك إلى دارهم التي ارتفع فيها شوكة الكفر وضعف فيها الإسلام حتى لم يظهر ذلك إلا بجوار كما هو حكم دار الكفر، فضعفت فيها عصمة الأموال، ووَهَنَ فيها الملك، فصارت دار إباحة بمعنى: أنه يباح لكل أحد أن يتملك من حق غيره بالاستيلاء عليه قهراً كل ما يصح تملكه وذلك أنفس الكفار وأموالهم وأموال المسلمين، وهذا هو القول بأن الكفار يملكون علينا كما هو قول الأكثر للعلة المذكورة، كما أشار إليه الشارع.
  فرع: ولمصيرها بقوة شوكة الكفر فيها دارَ إباحةٍ على الصفة التي ذكرنا هدرت فيها الدماء ولو بين المسلمين عند بعض أصحابنا والحنفية، فسقط القصاص، وتعينت الدية والأرش، وقال بعضهم: بل يسقطان أيضاً لذلك.
  فرع: ولشرف الإسلام جعل لاستيلاء المسلم مزية على استيلاء الكافر وهو أنه بقي للمسلم فيما استولى عليه الكافر من ماله حق ولوارثه بعده، وهو أنه أحق به حيث غنمناه بعد ذلك بغير عوض إن أخذه قبل القسمة وبالقيمة إن أخذه بعدها؛ إذ قد صار في يد الغانم بطريق المعاوضة، فإن أتلفه مَنْ هو في يده بعد الطلب لم يضمنه إلا بالإثم كسائر الحقوق.
(١) في (ج): على.
(٢) في (ج): «للكفار».