معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 416 - الجزء 1

  نفس الأرض دون الثاني، وهذا التفصيل أقرب إلى ما تقتضيه الأصول.

  ومنها: الاغتنام: ووجه شرعيته أن الكفار لما نَزَّلوا أنفسهم بتعاميهم عن آيات الله منزلة البهائم التي حقها أن تكون مملوكة لا مالكة، شُرِعَ لنا تملكهم وما في أيديهم بالاستيلاء قهراً، ثم هو سبب خروج المغتَنَم عن ملكهم قطعاً.

  فإن كان الغانم واحداً حقيقة وحكماً كان سبَبَ دخولِه في ملكه أيضاً فيملكه من وقت الاغتنام من غير نية، كما قلنا في الاحتطاب، وإن كان متعدداً كان لكل فيه حقٌّ فقط لا مِلْكٌ، وإنما يملك بالقسمة كما في ربح المضاربة عند جماعة على ما مر.

  فرع: فلذلك لا ينفذ لأحد من الغانمين تصرفٌ بعتق ولا غيره قبل القسمة ولو صار ذلك الشيء قسماً له من بعد، وإذا كان في الغنيمة سبي لم يعتق على رحمه من الغانمين، وإذا وطئ أحدهم أمة من الغنيمة وجب مهرها كاملاً، ووُضِع مع ولدها في الغنيمة، وإنما سقط الحد للشبهة كأمة الابن؛ ولذلك سقط⁣(⁣١) مع العلم بالتحريم.

  فرع: ولعدم ملك الغانمين حقيقة كان للإمام أخذ الصفي والتنفيل قبل القسمة ولو كرهوا، وسبب حقه هو الشوكة لا الاغتنام، ولذلك إذا قال: من قتل قتيلاً فله سلبه نفذ وملكه القاتل بالقتل.

فصل: [ما أجلب به البغاة]

  ويملك عندنا بالاغتنام على الصفة التي ذكرنا في أموال الكفار ما أجلب به البغاة من الآلات والأموال. وإنما ثبت استحساناً بالنص لا قياساً؛ لعدم تلك العلة التي في الكفار؛ ولذلك كان مخصوصاً بالإمام على الأصح [و]⁣(⁣٢) بما أجلبوا به؛ لأنهم حينئذ مرهبون به ففي تملكه كسرٌ لشوكتهم ومعاملة لهم بنقيض قصدهم، وهذه مناسبة ملائمة لاعتبار الشارع فنحو⁣(⁣٣): حرمان القاتل


(١) أي: الحد.

(٢) زيادة في (ج).

(٣) في (ج): «في نحو».