معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 51 - الجزء 1

الضرب الثاني: الأفعال

  وهي قسمان: حقوقُ الله، وحقوقُ العباد.

  وما كان مَشُوْباً فسنذكره مع أحدهما على حسب ما يعرض من البحث.

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

  أما القسم الأول: وهو حقوق الله تعالى؛ فنتكلم فيه في وجه شرعيتها، ومن له إسقاطها، وحكمها عند التعارض، ثم في ثبوتها في حق الكفار والصبيان، ثم في تقسيمها فتلك ثلاثة أبحاث:

[البحث الأول: في وجه شرعيتها]

  أما البحث الأول فقد عُلِم أنَّ الشرعيات شُرِعَتْ لمصالح العباد في الدِّين، ثم الواجب أن يعلم أن هذه المصلحة في حقوق الله في نفس فعلها، ومِنْ ثَمَّ لم يكن للعباد إسقاطها ابتداء.

  وأما حقوق العباد فالمصلحة في شرعيتها لا في فعلها؛ ولذلك كان لهم إسقاطها ابتداء.

  مسألة: وللإمام أن يسقط من حقوق الله ما إليه استيفاؤه، وهي المالية كالزكاة ونحوها، والعقوبات ونحوها، وذلك عند معارضة مفسدة تنشأ من استيفائها؛ لما علم من وجوب إيثار توقي المفاسد على كسب المصالح، وكذا له إسقاط حق عند معارضة حق آكد منه كرجم المحصن للحاجة إلى الجهاد، وإسقاط الحقوق تأليفاً عمن يرجو نصرته؛ لأن في جعل الشارع استيفائها إليه معللاً بالمصلحة إشارةً إلى أنه موكولٌ إلى نظره عند التعارض.

  فرع: فعلم أنه ليس له إسقاط الدِّيانات، عبادةً كانت كالصلاة ونحوها أو غيرها كالجهاد، كما أشار الشارع بمعاتبة⁣(⁣١) نبيه ÷ إلى ذلك، وعُلِمَ أنه ليس


(١) بقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}⁣[التوبة ٤٣]، وهذه معاتبة نبيه حيث أذن لمن تخلف عن الجهاد بالتخلف. حاشية في (ب).