[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  له الإسقاط إلا عند تعذر الجمع ولو بنقصان أحدهما أو تأخيره.
  فرع: ويعلم مما ذكرنا أنه إذا أسقطها سَقَطَتْ باطناً وظاهراً حيث حصل ما أسقطها لأجله، فإن لم يحصل أو انكشف خطأُ نَظَرِ الإمام لم تسقط، وكان له استيفاؤها؛ لأنه متصرف في حق غيره، فلا ينفذ التبرع والغبن كولي اليتيم ونحوه.
  مسألة: ومُوجِبُ جوازِ التأليفِ أمران:
  أحدهما: زيادة مصلحة في الدِّين، فهذا يجوز للإمام بإسقاط الحق، بشرط أن تزيد تلك المصلحة على مصلحة الحق، ولا يجوز بفعل محظور، كتولية الخائن رجاءً لصلاحه، وقد امتنع أمير المؤمنين كرم الله وجهه من تولية معاوية حتى كان من أمره ما كان، وذلك للفرق السابق بين الأفعال والتروك.
  وثانيهما: دفعُ مفسدةٍ في الدِّين، وهذا يجوز بإسقاط الحق مطلقاً، ويجوز بفعل المحظور حيث عظمت المفسدة فقط، كما لا يجوز لأحدنا بفعل القبيح عند الإكراه إلا حيث خشي التلف، أو ذهاب عضوٍ، أو ما في حكمه.
  فرع: وقد يظهر الفرق بين أن يسقط الإمام الزكاة عن الْمُؤَلَّف وبين أن يقبضها منه ثم يردها إليه؛ إذ الأول تركُ واجبٍ، والثاني فعل محظور، وعلم أنه يصح إبراء الإمام من الزكاة حيث له إسقاطها فقط، خلافاً لمن منع مطلقاً أو أجاز مطلقاً.
فصل: [في التعارض بين حقوق الله وحقوق العباد]
  وإذا وقع التعارض بين حقوق الله وحقوق العباد بحيث يَفُوْتُ أحدهما لا محالة فهو على أربعة أضرب؛ لأنهما إما ماليَّان أو بدنيَّان أو مختلفان.
  الأول: أن يكونا ماليين، فقال بعضهم: تقدم حقوق الله تعالى؛ لأن المعنى كون الحق لله أنه للمصالح العامة لا أنه ملك له؛ إذ له ما في السماوات وما في الأرض فيكون بها حِفْظُ قواعدِ الدين، وبقاء شوكته وبه تتصل الحقوق كلها بأربابها، وبضياعها تضيع جميع الحقوق، فهو كصرف غَلَّةِ الوقفِ في عمارته أولاً ثم فضلتها في مصرفه.