الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: وكذا كلُّ مَنْ منافِعُه مملوكةٌ كالأجير الخاص والعبدِ الموقوفِ والموصى بمنفعته، وإِذْنُ مالكِ المنفعةِ في ذلك كله مسقطٌ لحقه، وله الرجوع قبل الوجوب لا بعده.
  فرع: وإذا أَذِنَ الرجلُ لزوجته أو مملوكه في إيجابِ عبادةٍ ثم اختلف مذهبهما بعد الإيجاب، فقال الزوجُ والسيدُ: إنه على التراخي، وقالت الزوجة والمملوك: إنه على الفور، ترافعا إلى الحاكم، وما فعلاه قبل المرافعة غيرُ مُجْزِئٍ؛ لأنه معصية؛ إذ ليس لهما إلزام غيرِهما مذهَبَهما.
  فرع: وإذا أَذِنَ الموقوفُ عليه للعبدِ الموقوفِ بإيجابِ صومِ كلِّ خميسٍ مثلاً، ثم مات كان لِمَنْ بعده منعُ العبد إن انتقل إليه بالوقفية، لا إذا انتقل بالإرث، أو كان الذي أذن هو الواقف قبل الوقف، والوجه ظاهر.
  فرع: ومن ذلك تقديمُ القصاص وخدمة الأبوين العاجزين وحضانة الطفل على الحج عند التعارض، ومنه إحصارُ المحرم بمرضِ مَنْ لا يقومُ به غيرُهُ، وإحصارُ المرأة بطروءِ العدَّة في سفر الحج؛ لأن فيها حقّاً للزوج كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  فرع: والمندوبات في هذا الحكم كالواجِبَيْنِ، كالتنفل بالصلاة وإكرامِ الضيف، وكصوم مَنْ نزل بقومٍ، وقبولِ كرامتهم، كما نبه عليه الشارع. فعن الأول بقوله ÷: «لا تشغلنَّكم النوافلُ عن إكرام الضَّيْف».
  والثاني بقوله: «مَنْ نزلَ بدارِ قومٍ فلا يصومَنَّ إلا بإذْنِهم»(١).
  وثانيهما: أن يكون حق الله عقوبةً كالحدِّ، فيُقَدَّمُ على حق الآدميِّ المحض؛ لأنه لَمَّا شرع لدفع المفسدة بما فيه من الزجر كان أهمَّ، لِمَا عُرِفَ أن دفعَ المفسدة العامة أهمُّ من جلب المصلحة الخاصة.
(١) أخرجه في كنز العمال رقم (٢٥٩٥١) بزيادة: «تطوعاً»، وابن ماجه (١٧٦٣)، والترمذي (٧٨٩) عن عائشة باختلاف يسير.