معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 91 - الجزء 1

  فالأول مختلف في كونه⁣(⁣١) عبادةً فتشترط فيه النيَّةُ على ما مرَّ في الوضوء، والثاني مشروط بالنية اتفاقاً.

  فرع: ولما اختلفت ماهيَّةُ سبب هذين الضربين لم يدخل أحدهما تحت الآخر إلا بالنية، كالغسل لجنابةٍ يومَ الجمعة؛ فأيُّهما نواه وقع عنه، وتصح نيتهما معاً بخلاف الغسل من أحداث متعددة فإنه يكفي نيةُ واحدٍ منها؛ إذ هي ماهيَّة واحدة؛ لأن السبب هو الأحد الدائر على نحو ما ذكرنا في الوضوء، وقد أجاز بعضهم الغسل من الحيض دون الجنابة وليس بمعتمد⁣(⁣٢)، كما أجاز بعضهم مثل ذلك في الوضوء.

  فرع: قد عُلم أن الوضوء والغسل نوعان مختلفان في الماهيَّة والسبب فلا يدخل أحدُهما تحت الآخر ولو جمعتهما النية نحو: أن ينوي بغسل أعضاء الوضوء لرفع الحدثين معاً فيرتفع الأكبر فقط لوجوب الترتيب؛ إذ الأصغر لازمٌ للأكبر؛ لأن كل ما أوجب الأكبر أوجب الأصغر من غير عكس، ولا ينتفي اللازم دون الملزوم.

  فرع: فإن نوى الأصغر لم يرتفع أيُّهما، وقيل: يرتفع الأكبر عن أعضاء الوضوء؛ لأن انتفاء الأصغر ملزومٌ لانتفاء الأكبر، ونية الملزوم نية اللازم، كما إذا نوى الجنب التلاوةَ دخل مسُّ المصحف، أو الصلاةَ دخل المسجد والتلاوة.

  فرع: فأما حيث فرضه التيمم فتيممٌ واحدٌ كافٍ لهما معاً؛ إذ ليس رافعاً للحدث كما تقدم بل مصححاً للصلاة وهو حكم واحد، ومِنْ ثَمَّ نقض كلاً منهما حينئذ ما نقض الآخر.

  فرع: من أوجب على نفسه غسل الجمعة وعرفة فاتفقا في يومٍ واحدٍ أجزأه لهما غسل واحد، وكذا لو نوى مع ذلك الجنابة؛ لأنها نوع واحد ولو اختلفت


(١) في (ب، ج): «كونها».

(٢) في (ج): «ينعقد». تظنيناً.