[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  الكفارات الثلاث فرضاً وهي جارية في كل واجب؛ إذ ما من واجب كُلِّفْنَاه إلا وله أفراد يسقط وجوبها بفعل واحد.
  مسألة: وأما الصلاة في الثوب المغصوب فقال بعض أصحابنا: إنما فسادها للنص لا لكونها معصية؛ إذ الصلاة هي الأكوان التي يوجدها المصلي في بدنه، واستعمال الثوب الذي هو المعصية هو الأكوان التي يوجدها فيه فالمعصية منفصلة عن الطاعة.
  وقال بعضهم: هذا حقٌّ فيما عدا قدر ما يستر العورة؛ إذ سَتْرُها معتبرٌ في الصلاة، وإنما حصل بتلك الأكوان الحاصلة في القدر الساتر لها.
  والتحقيق: أن أكوان الصلاة نفسها التي في البدن معصية؛ لأنها المولِّدة للتي في الثوب ولا يصح أن يفترق المسبَّب والسبب في [الحسن(١)] والقبح، بل إذا قَبُحَ أحدهما قَبُحَ الآخر؛ لأنه يصير وَجْهَ قبحٍ له فتصير الصلاة في الثوب المغصوب كالصلاة في الدار المغصوبة بعد مراعاة القواعد الكلامية؛ ولذلك كان الأصح قُبْحُ التوضؤ في المكان المغصوب والذبح بسكين مغصوب فلا يقعان عبادة، وكان الطواف على جَمَلٍ مغصوب مخالفاً للقياس، كما تقدم التنبيه عليه.
  فرع: وعُلم(٢) أنها لا تصح الصلاة فيما حَرُمَ لُبْسُهُ حالَها فلم تصح صلاة المحرم في المخيط والموَرَّس ونحوه، وجاء في الحرير القولان؛ للاختلاف في علة تحريمه ومثله الذهب والفضة، وقد أشار الشارع بقوله: «هذان حرام على ذكور أمتي ... إلى آخره»(٣) إلى أن العلة الجنس نفسه فيكون الأولى عدم الصحة، وإن
(١) ساقط من (ب، ج).
(٢) في (ب، ج): «واعلم».
(٣) أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد والإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام عن علي # قال: خرج علينا رسول الله ÷ وفي إحدى يديه ذهب وفي الأخرى حرير فقال: «هذان حرام على ذكور أمتي وحل لإناثها»، والطحاوي في شرح مشكل الآثار، وابن حبان في صحيحه (٥٤٣٤)، وأبو داود (٤٠٥٧) وروي أيضاً عن ابن عباس وعقبة بن عامر وزيد بن أرقم وواثلة بن الأسقع وغيرهم.