معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 94 - الجزء 1

  كان الخيلاء هو المناسب لاختصاصه بالنساء كما أشار إليه الشارع بقوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ١٨}⁣[الزخرف].

  مسألة: وسببها هو الوقت كما أشار إليه الشارع بقوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}⁣[الإسراء ٧٨]، ونحو ذلك، ولذلك تضاف إليه، ولا تصح قبله، وتتغير في الكمال والنقصان بتغيره، لكن ليس السبب هو الوقتَ كلَّه وإلا لزم أن لا تصح فيه ولا آخره لذلك ولا أوله وإلا لم تجب على الحائض إذا طهرت في الوقت ولا الصبي إذا بلغ فيه.

  ولا كل وقت سبب لوجوبها فيما بعده كما قالته الحنفية، وإلا لزم أن يجب على الحائض إذا طهرت في آخر لحظة في الوقت، وعلى الصبي إذا بلغ فيه، وهم يلتزمون ذلك لكن المعتمد غيره، وهو أن كل وقت سببٌ لوجوبها فيما بعده بشرط أن يكون بعده من الوقت ما يسعها أو يسع ركعة منها كما أشار إليه الشارع كقوله: «من أدرك ركعة من العصر فقد أدركها»⁣(⁣١) منطوقاً ومفهوماً مع التطهر لها؛ وذلك لأن وجوب القضاء فرع إمكان الأداء.

  مسألة: والصلوات أعظم العبادات البدنية، وإنما شرعت رحمة من الله لعبده ونعمة عليه حيث جعل له مقامات يخاطب فيها مالك ناصيته، يَمْثُلُ فيها بين يديه خاضعاً لجلال ربوبيته مظهراً لصغار عبوديته؛ ليكون بذلك أقرب إلى رعاية عهوده وعدم الغفلة عن حقوقه وحدوده، كما نبه عليه الشارع بنحو قوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}⁣[العنكبوت ٤٥]، ولِمَا جمعت من الخيرات والأعمال الصالحات كانت مُرْحِضَةً للخطيئات، مُطَهِّرَةً للسيئات كما


(١) أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد وأبو عبدالله العلوي في الجامع الكافي والإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر»، ومسلم (٦٠٨) واللفظ له، والبخاري (٥٧٩)، وابن حبان في صحيحه (١٥٨٣)، وابن عبدالبر في التمهيد، وهو عند ابن ماجه عن عائشة (٥٨٠)، وعند النسائي عنها أيضاً (٥٥٠).