باب القول في تلف الرهن وانتقاصه وانتفاع المرتهن
  وليس للراهن أن يزرع الأرض المرهونة بغير إذن المرتهن، فإن زرعها المرتهن بإذن الراهن كان الزرع رهناً مع الأصل ويضمنه المرتهن إن تلف، فإن زرعها المرتهن بغير إذن الراهن كان للمرتهن ما للزراع وكان ما فضل من الزرع عنه للراهن ولم يكن رهناً(١).
  ولو أن رجلاً كان له على رجل حق إلى أجل معلوم فدفع الرهن إليه فتلف قبل الأجل، وكانت قيمة الرهن دون الدين لم يكن للمرتهن أن يطالب الراهن بالفضل الذي له إلا بعد حلول الأجل.
  ولو أن رجلاً رهن رجلاً إكليلاً من ذهب فانشدخ الإكليل من غير جناية لأحد نحو أن يسقط عليه جدار أو ما أشبهه ولم يكن نقص من وزن الذهب شيء ولا كان فيه جوهر فانكسر لم يكن المرتهن ضامناً لانكساره، فإن كان نقص من وزنه شيء أو كان فيه جوهر فانكسر ضمن المرتهن ما نقص من وزنه وانكسر من جوهره.
  وإن كان انشداخه بجناية من المرتهن ضمن المرتهن ما نقصه الهشم وغيره، وإن كان ذلك بجناية من غيره كان الراهن مطالباً للمرتهن بنقصانه والمرتهن يكون مطالباً للجاني وللراهن الخيار بين أن يأخذ رهنه وقيمة ما نقصه هشمه وبين أن [يأخذ] قيمة إكليله صحيحاً ويرد عليه الإكليل المنشدخ.
  ولو أن رجلاً ارتهن ثوباً فقرضه الفأر أو لحقته آفة نقصته ضمن أرش النقصان إن كان للثوب بعد النقصان قيمة، فإن كان لا قيمة له بعد ذلك ضمن قيمة الثوب كله.
  وكذلك إن ارتهن داراً فانهدم بعضها أو سرقت أبوابها أو انهدم كلها ضمن المرتهن.
= حاشية. في الإفادة والراهن إذا أباح للمرتهن الانتفاع بالرهن لم يكن له أن يحاسبه بما انتفع، قال: وكان يقول قدس الله روحه أن يضمن المرتهن فوائد الرهن يقوى منجهة النظر إن كان به قائل قبل يحيى #، وقد روي محمد بن منصور في كتابه (القضاء) بإسناده عن الحسن البصري: أن فوائد الرهن مضمونة، مثل ما ذهب إليه يحيى #. حاشية.
(١) في التعليق: والراهن إذا أباح للمرتهن الانتفاع بالرهن لم يكن له أن يحاسبه بما انتفع وذلك؛ لأن هذا عارية وهو إباحة المنافع، فإذا أباح له الانتفاع به ليس له أن يحاسبه وأن يأخذ العوض؛ لأن العارية معراة من العوض. حاشية.