التجريد في الفقه على المذهب الزيدي،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ستر العورة والثياب التي يصلى فيها وعليها

صفحة 35 - الجزء 1

  وتكره الصلاة في الخز والقز وفي الثوب المشبع صبغاً، ولا تحل الصلاة في جلود الميتة وإن، دبغت ولا جلود ما لا يؤكل لحمه على وجه من الوجوه، فأما شعر الميتة وصوفها فلا بأس بالصلاة فيه بعد الغسل والإنقاء.

  ويجب على كل مصلّ تطهير ما يلبسه أو يصلي عليه من كل نجس وكل ما خرج من السبيلين من مني أو مذي أو غيرهما فهو نجس يجب تطهير الملبوس والمصلى عليه من قليله وكثيره، فأما الدم فيجب إزالته إذا كان قدراً لو كان على رأس جرح قطر⁣(⁣١)، ولو كان دون ذلك لم تجب إزالته.

  ومن ابتلي بشيء مما ذكرنا فليغسل ثوبه مما أصابه منه فإن كان شيئاً لا ينقطع وقتاً من الأوقات فلا ضير عليه في تركه ولا يستحب له أن يتركه في ثوبه أكثر من يوم وليلة إلا أن يشق ذلك عليه فيعذر في تركه يومين أو ثلاثة أيام على قدر ما يمكنه، وإن أمكنه ثوب غيره عزله لصلاته.

  قال القاسم #: ولا بأس بالآثار الباقية عن الأقذار في الثوب بعد إبلاء العذر في إزالتها.

  ومن ابتلي بالعُري صلى جالساً ويستر عورته بالحشيش أو بالتراب أو ما أمكنه، فإن لم يجد شيئاً منها سترها بيده اليسرى ويومئ إيماءً كإيماء المريض، ولا يستقل من الأرض استقلالاً يبدي عورته.

  والواقف في الماء يصلي قائماً إن أمكنه إن كان الماء كثيراً، أو قاعداً إن كان يسيراً يومئ في ذلك للركوع والسجود، فإن كان العُراة جماعة فأراد أحدهم أن يؤم قعد الإمام بينهم واصطف العُراة عن يمينه وعن شماله، وكذلك يفعل الوقوف في الماء إن أراد أن يؤمهم أحدهم إذا كان الماء صافياً لا يستر عوراتهم، فإن كان يسترها تقدمهم الإمام.

  والمستحب للمصلي أن يضع جبهته على الحضيض أو على ما أنبتت الأرض، ويكره السجود على المسوح واللبود إلا أن تدعو الضرورة إلى ذلك.


(١) قال المؤيد: إذا سال في الصحيح قدر طول الشعيرة سُمي سائلاً. حاشية.