مقدمة
  بكون هذا القياس فرعاً من فروع الحق ثابتاً، ونوراً شاهداً على ما فيه من الصدق، فيكون القياس ممن علم ما قلنا، وتفرع فيما ذكرنا وفهم ما شرحنا، قياساً واحداً، إذ كان له ذلك أصلاً مؤصلاً، تخرج هذا القياس وتبينه وتشرعه وتوضحه وتدل عليه وتفرعه حجج الله التي في الصدور المركبة، للتميز بين الأمور ور من هذه العقول المجعولة لما ذكرنا المركبة لما شرحنا من التمييز بين الباطل والحق، والفرق بين البر والفسق»(١).
  وقد تكون بناء على ما سبق من أصول وعلى إيجاب الاجتهاد لدى الزيدية مذاهب فقهية مستقلة ضمن المدرسة الزيدية وهي:
  ١ - قاسمية: نسبة إلى الإمام القاسم الرسي - المتوفى سنة ٢٤٦ هـ -.
  ٢ - ناصرية: نسبة الإمام الناصر الحسن الأطروش - المتوفى سنة ٣٠٤ هـ -.
  ٣ - يحيوية: نسبة الإمام الهادي يحيى بن الحسين - المتوفى سنة ٢٩٨ هـ -.
  ٤ - مؤيدية: نسبة إلى الإمام المؤيد أحمد بن الحسين الهاروني - المتوفى سنة ٤١١ هـ -
  هذا فضلاً عن مذاهب الأئمة، ويرجع الشيخ محمد أبو زهرة ذلك النماء الفقهي والغزارة في الاجتهاد لدى الزيدية إلى أنهم أخذوا من الأصول والمناهج أوسعها مدى، وكلما كثرت الأصول كان المذهب أكثرها نماء، وأوسعها رحاباً، فإذا أضيف إلى ذلك فتح باب الاجتهاد والتخريج في كل العصور، وكثرة الأئمة الذين خرجوا واجتهدوا وأخذوا مع فتح الباب للآراء في المذاهب الأربعة وغيرها، كان هذا المذهب أكثر المذاهب الإسلامية نماء وقدرة على مسايرة العصر»(٢).
  وكان حظ المذهبين (القاسمي، واليحيوي) من العناية الأوفر من قبل الزيدية في اليمن وإيران وغيرهما، فجمعوا نصوص القاسم والهادي ودونوها وخرجوا
(١) مجموع الإمام الهادي ص ٤٩١ - ٤٩٢.
(٢) الإمام زيد حياته وعصره آراؤه وفقهه ص ٥٠٨.