باب القول فيما ينبغي أن يفعل المفرد والقارن والمعتمر
  على ما ذكرناه ويكون ذلك الطواف والسعي لعمرته، ثم يقصر من شعر رأسه ولا يحلقه وقد حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام من النساء والطيب والثياب.
  فإذا كان يوم التروية فليهل بالحج من المسجد الحرام وليفعل ما فعله عند ابتداء إحرامه ويقول: (اللهم إني أريد الحج فيسره لي)، ينوي أن إحرامه هذا لحجته ثم ينهض ملبياً ويسير إلى منى ويستحب له أن يصلي بها الظهر والعصر يوم التروية، والمغرب والعشاء ليلة عرفة وصلاة الفجر يوم عرفة، فأما الإمام فينبغي له ألا يترك ذلك، وكذلك في المفرد والقارن ويستحب لهم إن أتوا منى في آخر ليلة عرفة أن يعرسوا بها ساعة ويصلوا الصبح ثم يسيروا إلى عرفة.
  ثم يتوجه إلى عرفة متمتعاً كان أو مفرداً أو قارناً فإذا انتهى إليها نزل بها فأقام حتى يصلي الظهر والعصر بها إن شاء وإن أحب صلى الظهر وارتحل إلى الموقف - وعرفة كلها موقف ما خلا بطن عرنة -، ويستحب له أن يدنو من موقف النبي صلى الله عليه بين الجبال فإذا وقف ذكر الله كثيراً وسبحه وهلله وصلى على رسوله صلى الله عليه ودعا لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات إلى أن تجب الشمس، فإذا وجبت أفاض ملبياً نحو مزدلفة بالسكينة والوقار والذكر والاستغفار.
  ولا يصلي المغرب والعتمة حتى يرد مزدلفة ثم يجمع بها بينهما بأذان واحد وإقامتين، ثم يقف بها حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر مضى ووقف عند المشعر الحرام ساعة وذكر ودعا الله وسبحه وصلى على نبيه صلى الله عليه، ثم يفيض راجعاً إلى منى ملبياً بالخشوع والوقار والقراءة والتكبير والتهليل ويستحب له الإسراع في السير إذا انتهى إلى وادي محسر حتى يجاوزه فإذا انتهى إلى منى حط بها رحله، ثم يأتي جمرة العقبة ثم يرميها بسبع حصيات يهلل ويكبر ويسبح مع كل حصاة ويقطع التلبية مع أول حصاة يرمي بها.
  ثم يعود إلى رحله لينحر أو يذبح ما يريد ذبحه أو نحره، والقارن ينحر ما كان ساقه، والمتمتع أيضاً يجب عليه أن يهريق دماً، بقرة أو بدنة أو شاة، ثم يأكلان بعضه ويطعمان بعضه ويتصدقان ببعضه على المساكين وأولاد المساكين به من قرب من منزله ورحله.