[تعريف التنازع، وأحكامه]
  فأضمر في الأول وأعمل الثاني.
  ولا يصح أن تضمر في الأول مفعولا؛ لأنه فضلة، فلا تقول: «ضربته وضربني زيد» بل تحذف الضمير؛ لأنه يعود من متقدم إلى متأخر.
  وهذا من المرجحات لكلام الكوفيين؛ لأنه لا يلزمهم اللوازم المحذورة في إعمال الأول كما لزم البصريين.
  وقد احتجوا بقول امرئ القيس - وهو من فصحاء العرب المشهورين -:
  ٣٠ - [ولو أن ما أسعى لِأدنى معيشةٍ] ... كفاني - ولم أطلب - قليلٌ من المال(١)
  فأعمل الأول، ورفع لفظ «قليل».
  وتمحَّل البصريون وأتباعهم في الجواب على هذا تمحلات لا يليق بهذا المختصر ذكرها.
  إلى هنا انتهت المرفوعات الستة، وهي: المبتدأ، وخبره، واسم «كان»، وخبر «إنَّ»، والفاعل، ونائبه، والسابع: التابع للمرفوع؛ من عطف، أو نعت، أو
(١) اللغة والمعنى: أسعى: أجد، أعمل. أدنى معيشة: حياة عادية. يقول الشاعر: لو أنه يسعى لحياة عادية لكفاه قليل من المال، ولكنه يسعى في طلب الملك والسيادة لذلك يتوجب عليه الجد والسعي المستمر.
الإعراب: ولو: الواو: بحسب ما قبلها، لو: حرف امتناع لامتناع. أن: حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر. ما: مصدرية. أسعى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا في محل رفع. وما وما دخلت عليه في تأويل مصدر منصوب لأنه اسم أن. لأدني: جار ومجرور في محل رفع خبر أن، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل لفعل محذوف تقديره: لو ثبت كون سعيي لأدنى معيشة. وأدنى مضاف ومعيشة: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة. كفاني: فعل ماض، والنون للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به. ولم: الواو عاطفة. لم: أداة جزم. أطلب: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا في محل رفع. قليل: فاعل كفاني مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. من المال: جار ومجرور صفة لقليل.
والشاهد فيه: قوله: «كفاني ولم أطلب قليل»، حيث جاء قوله: «قليل» فاعلا لـ «كفاني»، وليس البيت من باب التنازع، لأن من شرط التنازع صحة توجه كل واحد من العاملين إلى المعمول المتأخر مع بقاء المعنى صحيحا، والأمر ههنا ليس كذلك، لأن القليل ليس مطلوبا.