معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 103 - الجزء 1

  صلاته بوجهٍ خَفِيَ عنهم⁣(⁣١) ولو لم يكن مفسداً في مذهبهم؛ لأن العبرة في فساد صلاته بمذهبه لا بمذهبهم.

باب صلاة العليل

  توهَّم بعضهم أنها ثبتت استحساناً بالنص؛ إذ القياس يقتضي عدم وجوبها؛ لأن من أُمِرَ بمجموع مركب من عدَّةِ أفعالٍ ثم تعذر عليه بعض تلك الأفعال سقط وجوب ذلك المجموع؛ لخروجه عن المقدور بخروج بعض أجزائه وهو توهم فاسد؛ لأن ذلك المجموع إنما يسقط لو لم يكن لما تعذر من أجزائه خَلَفٌ، ولكلٍّ من أركان الصلاة خَلَف كالإيماء بدل عن الركوع والسجود، والقعود بدل القيام، والآتي بِخَلَفِ الشيء أتٍ بذلك الشيء، والنص مبيِّنٌ للخلَفية لا مثبت للوجوب، وإنما الوجوب هو وجوب الأصل كما يقال: إن وجوب التيمم هو وجوب الوضوء؛ إذ لو سقط وجوب الوضوء أسقط⁣(⁣٢) وجوب التيمم وهذا هو الموافق لقوله ÷: «إذا أُمِرْتُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا به ما استطعتم»⁣(⁣٣) على إحدى الروايتين.

  فرع: ولكونها بدليَّةً على وجه الخَلَفية وجب تأخيرها إلى آخر الوقت؛ لتيقن تعذر الأصل ولم يَجُزْ فعل الأدنى مع إمكان الأعلى، وسقط الوجوب عند تعذر البدل وهو الإيماء بالرأس، ولم تلزم الصحيحَ بالنذر؛ إذ لا أصل لها في الوجوب؛ إذ وجوب الخَلَف هو نفس وجوب المخلوف، ولأن صفتها عن سببٍ ولا يصح النذرُ بما له سببٌ من العبادات إلا مرتباً على سببه كصلاة العيد والكسوف والوضوء ونحوها، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.


(١) في (نخ): «عليهم».

(٢) في (أ): «سقط».

(٣) أخرجه النسائي بلفظ: «فإذا أمرتكم بالشيء فخذوا به ... إلخ» في كتاب الحج عن أبي هريرة، وأما بلفظ: «فأتوا منه ... إلخ» فأخرجه مسلم (١٣٣٧)، والبخاري (٧٢٨٨) باختلاف يسير، وابن حبان في صحيحه (٣٧٠٥).