[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  فرع: وقد علم بما ذكرنا أن المقعد الأصلي ونحوه حكمه حكم الصحيح في أصالته في صلاته؛ ولذلك كان له الصلاة في أول الوقت، وإن كانت بدلية بالنسبة إلى النوع لعروض ذلك له(١) في الجملة؛ ولذلك لم تصح صلاة الصحيح خلفه.
  فرع: ولكون صلاة العليل بدليَّةً وجب الاستئناف حيث عرض إمكان الأعلى في حالها وبعدها في الوقت.
فصل: [في صلاة المسايفة والخوف]
  وصلاة المسايفة كصلاة العليل في جميع ما ذكرنا تنزيلاً للعذر منزلة العلة مع كون كلٍّ منهما سبباً للتلف الذي يفوت به الواجب أداء وقضاء، بخلاف من اشتغل آخر الوقت بإزالة منكرٍ فإنها لا تشرع له تلك الصلاة لإمكان الإتيان بها كاملة قضاء مع كون المرض صالحاً للترخُّص فكذا ما أشبهه [دون ما لم يشبهه](٢).
  وأما صلاة الخوف ففيها نُقْصان صيَّرها بدليَّةً فوجب تأخيرها. وشرطها الخوف وعدم الإمكان كما هو حكم البدليَّة. وفي شرعيتها دلالة على عظم فضيلة الجماعة حيث قُدِّمَتْ مع نقصانها على صلاة الانفراد مع تمامها وكمالها.
باب قضاء الصلاة
  إنما شرع لتلافي ما فات وقت أدائه فهو واجب بأمْرِ الأداء؛ إذ الوقت ليس قيداً في الأمر بل في المأمور به فكأن الأمر بشيئين فلا يسقط وجوب أحدهما بفوات الآخر.
  وأمر الشارع بالقضاء مبيِّن لذلك وكاشف عنه لا أنه بنفسه مُوجِبٌ؛ بدليل أن المقضيَّة هي المؤدَّاة نفسها إلا أنه أُخِّرَ وقتها، وأنها تُقْضى كما فاتت من الجهر والسِّر والتمام والقصر، بخلاف ما لو فاتت في الصحة فقضاها في المرض؛ إذ خَلَفُ الشيء قائمٌ مقامَه.
  وبدليل أن سببها هو سبب المؤداة؛ إذ كل جزءٍ من الوقت سببٌ لوجوبها فيما
(١) أي: للنوع.
(٢) ساقط من (ب، ج).