[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  بعده إلى انقضاء التكليف، وأنه صح فعلها في أوقات الكراهة كالمؤداة وقياساً على العبادة الماليَّة المتعلقة بوقتٍ معيَّن كمن نذر بصدقة في يوم جمعة معيَّن ففات.
  فرع: ولكونها شُرعت لتلافي ما فات وقتُهُ استوت المقضيات أولُها وآخرُها، فلم يجب الترتيب بينها ولا التعيين للجنس حيث تعدَّد، ويتضيق القضاء لخشية الفوت لا قبلها(١) إن قلنا: الواجبات على التراخي، وإن قلنا: هي على الفور ففوره مع كل فرضٍ فَرْضٌ قياساً على المؤداة حتى يتيقن براءة الذمة في المحصورات ويغلب الظنُّ بها في غيرها.
  فرع: وقد عُلم مما ذكرنا أن القضاء إنما يجب فيما كان له وقت أداء؛ إذ هو فرعه، وهي العبادات البدنيَّة المعلَّقة بأوقاتٍ معيَّنةٍ كالصلاة والصوم والاعتكاف.
  فإن قيل: فيلزم أن يجب القضاء على من نذر بغسلِ يومِ جمعةٍ معيَّنةٍ ففاتت.
  قلنا: لما كان له بدلٌ وهو الكفارة [و] كانت(٢) أصلاً من وَجْهٍ ولذلك قد تجب في النذر من أول الأمر على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، كان العدول إليها متعيناً كمن نذر بغسل ميت معين فدفن؛ لفوات النذر بفواتهما؛ إذ الغسل غير مشروع في نفسه، بخلاف الصلاة في وقت معيَّن فلم يَفُتْ إلا ذلك الوقت، وهي في نفسها مشروعة في غيره من سائر الأوقات فلم يجز العدول إلى الكفارة.
  فرع: وعُلم مما ذكرنا أن العبادات المشروعة لأسبابٍ مخصوصة لا يُشرع قضاؤها بعد فوت أسبابها كصلاة الكسوف والاستسقاء والعيدين ونحوها.
باب صلاة الجمعة
  هي أفضلُ الصلوات؛ لأنها أفضل من الظهر، وهو أفضل الخمس؛ إذ هو الوسطى على الأصح.
(١) أي: الخشية.
(٢) الواو زيادة في (ج) تظنيناً.