معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 127 - الجزء 1

  كما في قضاء الدين على ما مر.

  فرع: ولما كان الحجيج أضيافَ الله وَوفَّادَ بيته أكرمهم بإراقة الدماء في أيام الحج، التي هي الأضاحي وأنواع الهدي من تطوع وفدية وغيرها، وحتم عليهم الإفطار في تلك الأيام، وأمرهم بتناول الطيبات، وشمِّ الطيب، وقضاء التفث، والإقامة ثلاثة أيام قضاء لحق الضيافة، وجعل ما يلزم من سبب ارتكاب محظور أو تركِ نُسُكٍ دماءً وصدقاتٍ تُصرَف هنالك في تلك الأيام زيادةً في الكرامة.

  فرع: ويعلم مما تقدم أن شَعَرَ المحرم وظُفْرَه وسائر جسده في حكم الأمانة كالوديعة، فكل ما ذهب منه بفعله أو إذنه أو سوء حفظه كأن يتعثر لسوء مشيته فينقلع ظفره أو شيء من شعره أو جلده - فإنه عليه وعلى الفاعل حيث هو متعدٍّ ولو كان حلالاً أو صبياً؛ إذ هو جناية على محترم، لا حيث لا تعدي كأن يحلق⁣(⁣١) رأسَ المحرم المريض فعلى المحرم فقط، وعلم أيضاً من كون العلة هتك الحرمة أن للمحرم أن يحلق رأسَ حلالٍ.

  فرع: وعلم من حرمة الحرم أنه مضمون على الهاتك مطلقاً، ولو حلالاً أو خاطئاً أو ناسياً أو صبيّاً كما في سائر الجنايات.

  وعلم أيضاً أن ما دخل الحرم من صيد الحِلِّ أو غرس فيه من شجرة دخل في الحرمة، وما خرج من صيده إلى الحِلِّ خرج من الحرمة، لا ما أُخرِجَ من صيده أو غرس من شجره في الحل فإنه محترم؛ للتعذر⁣(⁣٢) في إخراجه، فيجب سَقْيُه وحفظه وإعادته إن أمكنت وإلا فحرمته باقية، ويجب على قالعه⁣(⁣٣) ردُّه إلى الحرم إن أمكنه وإلا ففي مكانه إن أمكن وإلا تعددت القيمة عليه وعلى الأول، وقد أوجب بعضهم ردَّ تراب الحرم وأحجاره كصيده.


(١) أي: الفاعل.

(٢) في (ب، ج): «للتعدي».

(٣) في (نخ): «ناقله». هامش (ب).