الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: وما جَرَّهُ السيل من أشجار الحرم أو بَزْرِها(١) أو أخرجه مخرج من بَزْرِها فنبت في الحل فلا حرمة له، بخلاف ما جَرَّهُ من الحِلِّ من ذلك إلى الحرم فنبت فيه.
  مسألة: والحج مجموعٌ مركبٌ من عدَّة أفعالٍ وأقوالٍ مخصوصة، وليس كالفعل الواحد كما قلنا في الصلاة؛ ولذلك لا يفسد بعضه بفساد بعض، وللمكلف أن يفعل في كل فعل من أفعاله بقول عالم.
  وأركانه الأصلية التي لا بدل لها ثلاثة: الإحرام والوقوف وطواف الزيارة، وما سواها فهي واجبات مستقلة متصلة به كالصفات له، ولها بدل يخلفها عند انخرام شيء منها.
  فرع: وللزوم ذلك البدل تبعاً للحج كان الأصح أن حكمه حكمه في كونه لا يجب إلا بالوصية، وأنه من ثلث مال الموصي؛ لئلا يزيد الفرع على أصله، وكذا ما لزم بالجناية على الإحرام أو الحرم.
  وقيل: بل من الرأس؛ إذ هو أرش الجناية(٢) كسائر الديون.
  مسألة: ولما كان في وقت الحج فَضْلَة عليه ولم يكن متعيِّناً عليه صح الإحرام بأكثر من حجة وإدخال حجة على حجة، ولما كان وقته يشبه المعيار كوقت الصوم من حيث إنه لا يصح في العام الواحد إلا حجة واحدة، لزم رفض ما زاد عليها وتأخير فعله.
  فرع: ولما كان الحج يلزم بالشروع على ما سيأتي لزمت الأولى، وتعيَّن رفضُ غيرها حتى لو رفض الأولى لم ترتفض، فلو مضى في الثانية ناوياً لأعمالها منها فالقياس الجلي أن لا تقع عن واحدة منهما، أما الأولى فللصرف عنها لما تقدم أن الصرف في العبادات يصح. وأما الثانية فلأن بقاء الإحرام الأول مانع منها،
(١) البزر: كل حبٍّ يبذر للنبات. من القاموس.
(٢) في (ب، ج): «جناية».