الضرب الثاني: الأفعال
  دُعِيَ إليه، وهذا أمر قد اعتبر الشرع نظيره، فإن الإجابة بعد الطلب في العقود تُثْمر الالتزام والانبرام.
  وقد ذهب بعض أصحابنا والحنفية إلى أن العلة نفس الشروع؛ إذ هو بمثابة النذر مع ما يؤدي إليه الخروج منه من إبطال العمل، وقد نهينا عنه فأوجبوا سائر العبادات من صيام وصلاة وغيرهما بمجرد الشروع، وقد ذكرنا ما هو الوجه في لزوم الحج، ولا نُسلِّم أن الشروع كالنذر؛ إذ لِلَّفظِ اعتبار في الشرع(١) فلا يقاس على الحج غيره؛ لعدم الجامع، والمراد بالنهي(٢) إبطال العمل بالردة.
  الرابع: أنه لا يبطل بإبطاله والخروج منه، والعلة فيه هي العلة فيما قبله، ويلزم من عَلَّلَ بتلك العلة أن لا يقول بهذا الرابع كما يصح في سائر المنذورات إبطالها بالخروج منها بعد الشروع وإن كان مُحَرَّماً.
  والخامس: أنه يجب المضيُّ في فاسده؛ وذلك لأن الوطء لم يُبْطله، وإنما أكسبه نقصاناً فوجب إتمامه؛ لوجوبه بالشروع كما تقدم، ثم قضاؤه تامّاً؛ لالتزامه به تامّاً حين أحرم على ما ذكرنا؛ ولذلك لزم إعادة نفس الذي أحرم له من حجة الإسلام أو غيرها.
  وقد نجز غرضنا من العبادات البدنيَّة، وأما الماليَّة فقد تقدم الكلام في جملتها وذكرِ أحكامٍ تعمها، ونحن الآن نذكر ما يختص به كل باب منها.
(١) في (ب): «الشروع».
(٢) يعني بالنهي قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد ٢٣].