[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
[العبادات المالية]
باب الزكاة
  هي صلة شرعها الله في أموال عباده الأغنياء مواساة لإخوانهم الفقراء، قضاء لحق الأخوَّة، وعملاً بما يوجب تأكيد الألفة، وبما أمر به سبحانه من المعاونة والمعاضدة مع ما فيها من ابتلاء ذوي الأموال التي هي شقائق النفوس، كما ابتلاهم في الأبدان بتلك العبادات البدنية، ففيها شائبتا عبادةٍ وصلةٍ وهي الغالبة.
  فرع: فلِمَا فيها من العبادة وجبت فيها النية، ولم تصح مع مشاركة معصية، وكان المعتبر في إجزائها هو مذهب الصارف لا المصروف إليه، فله الصرف في فقير عنده وإن كان ذلك المصروف إليه غنيّاً في مذهب نفسه، ويجوز له أخذُها لا العكس، فلا يُجْزئ وإن كان يجوز للمصروف إليه الأخذ حيث لا شرط ولا ما في حكمه.
  ولكونها صلة صح فيها الاستنابة، وصح الإجبار عليها، وناب الإمام في النية، وأخذت من مال الميت وإن لم يُوص.
  ولكون الصلة غالبة وجب رعايةُ الأنفع للفقراء في تقويم أموال التجارة، وتقويم كلٍّ من الذهب والفضة بالآخر، وإخراج التبيع أو(١) المسنة في زكاة البقر، ووجبت في مال الصغير ونحوه.
  وقالت الحنفية: العبادة هي المقصودة فلا يجب في مال الصغير.
  فرع: ولرعاية الشائبتَيْن إذا أخرج فضوليٌّ زكاةَ غيرِهِ فأجاز المالك، ثبت حكمها في جنبة الصلة، فسقط الضمان، دون جنبة العبادة فلا تجزئ.
  فرع: وللشائبتين معاً لم تصرف في كافرٍ ولا فاسقٍ، أما جنبة العبادة فلأنه لا قربة فيهما على ما ذكره بعض أصحابنا، وأما جنبة الصلة فلانقطاع الموالاة، فإنَّا مأمورون بمقاطعتهم ومعاداتهم، فلا يكونون أهلاً للبرِّ والصلة، والتعليل
(١) في (ب، ج): «و».