معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 132 - الجزء 1

  برعاية الصلة هو الأولى.

  فرع: ولكونها متعلقةً بعينِ المال منعت من الانتفاع به والتصرف فيه، وقُدِّمَتْ على كفن الميت وتجهيزه، وضَمِنَ القابضُ لشيءٍ من المال حصته منها على الأصح، ومنعت من الزكاة حيث كان نصاباً فقط، ولو خمساً من الإبل على الأصح، والشاة بدلٌ؛ بدليل أنه يجزئ إخراج أحدها ولو كانت قيمتُهُ دونَ الشاة وكانت غِشّاً فيه نازلة منزلة الخَبَث، فيكون إخراجها تطهيراً للأموال ولأربابها، كما أشار إليه الشارع⁣(⁣١)، وإلى أنها غُسَالَةُ أوساخ الأموال، ولم يحل صرفها في أصوله وفصوله؛ لأنهم بمثابة نفسه، وليس له التضمُّخ⁣(⁣٢) بِخَبَثِهِ، ولا فيمن يلزمه نفقته لذلك؛ لعود النفع عليه، ولا في غنيٍّ؛ إذ لا ضرورة له إلى تناول الأوساخ، ولا لقرابة الرسول ÷ تنزيهاً لهم عنها كما أشار إليه⁣(⁣٣).

  مسألة: وسببها هو المال، والحول شرط؛ فلذلك صح التعجيل قبله، وأما كون المال نصاباً أو سائماً أو للتجارة فَجزء من السبب كالإحصاد للمعشَّر، فلا يجزئ الإخراج قبله، واعتبرت هذه الأمور جزءاً من السبب ليتحقق بها الغِنَى الذي يصلح سبباً للصدقة كما أشار إليه الشارع⁣(⁣٤).

  فرع: فَقَبْل السبب المالُ كلُّهُ ملكٌ خالصٌ للمالك، وبعدَه قبل الحول ملكه باقٍ، لكن قد تعلق حقُّ الله تعالى بقدر الزكاة منه، لكنه تعلُّقٌ ضعيفٌ لا يمنعه التصرف، وبعد الحول خرج ذلك القدر عن ملكه، وصار النصاب مشتركاً لكن


(١) بقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}⁣[التوبة: ١٠٣]، ونحوها.

(٢) التضمخ: التلطخ بالشيء. (نهاية).

(٣) بنحو ما أخرجه أبو داود (٢٩٨٥)، ومسلم (١٠٧٢) عن رسول الله ÷ قال: «إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد» في حديث طويل، وفي رواية: «وغسول خطاياهم» ابن عساكر في تاريخ دمشق (٢٠٣/ ٧).

(٤) بمثل قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}⁣[الأنعام: ١٤١]، وفي نحو ما تقدم في خبر معاذ: «فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم»، ونحو قوله ÷: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» أبو داود (١٥٥٨).