معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 133 - الجزء 1

  بقي له فيه حقُّ التصرف، هذا قول الأكثر.

  وقال جماعة: إن ملكه له باقٍ، وإنما يَخرج عن ملكه بالصرف، فله إخراج بدله، وينفذ تَصَرُّفُهُ فيه، وذلك التعلُّق المتقوِّي بالشرط هو المعتبر للعين أصلاً ولغيرها بدلاً، فبتلفها قبل التمكن يسقط الوجوب.

  وقال بعضهم: ذلك التعلُّق لا يُصَيِّرُ العينَ كذلك بل كل منهما أصل فلا يسقط الوجوب، وهذا هو القول بأن الزكاة تتعلق بالذمة.

  فرع: وإنما اعتبر السوم في الأنعام لاندفاع مؤنة العِلَافَة؛ ولذلك وجبت في العوامل السائمة، واكتفى بأكثر الحول إقامةً للأكثر مقامَ الكل، مع اشتمال سَوْمِ الطرفين عليه على الأصح، مع كونه صفة متممةً ومكملةً لا أصليَّة كالمال.

  فرع: ولما كانت النقود وأموال التجارة غير مستقرة الكمية؛ لكثرة عروض الزيادة والنقصان فيها، بسبب المعاوضة التي وضعت لها لم يَضُرَّ نقصان النصاب بين طرفي الحول ما لم ينقطع.

  فإن قيل: الزكاة تتكرر لتكرر الحول مع اتحاد المال، فكيف يكون المال سبباً والحول شرطاً والحكم⁣(⁣١) إنما يتكرر بتكرر السبب لا بتكرر الشرط؟

  قلنا: لما كانت الأموال معرَّضةً للتلف بالحوادث، وبما يَرِدُ عليها من حاجات الزمان التي تَجدُّدُها لازم لبقاء حياة الإنسان - جعل النصاب بعد مضي حول كامل كأنه نصاب آخر، واعتبر الحول لأنه أكثر مقادير الزمان، وهو جامع لأكثر أسباب تلف المال.

  فرع: ولقيام الحول مقام تكرر النصاب إذا اتفق حول التجارة والسوم على مالٍ واحدٍ لم يجب فيه إلا زكاة واحدة، وإن اختلف وجب زكاتان، وكذا حيث الحول غير معتبر في إحدى الزكاتين كما إذا بذر بحبِّ التجارة.


(١) في (أ): «والحول».