معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 134 - الجزء 1

  فرع: ولكون النصاب سبباً كانت زيادته صفة له، وحول الصفة حول الموصوف.

  فرع: ولما كان سببها النصاب كانت متعلقة بعينه كما في الصلاة والصوم والحج على ما مر، ووجبت فيه ولو كان من أموال المصالح، بل ولو زكاةً، ووجبت في رقبة الوقف، وتُخرج من غَلَّاته؛ إذ هو أقرب إلى العين ثم من بيت المال؛ إذ الجميع للمصالح، ولو الوقف على آدميٍّ معيَّنٍ؛ إذ الرقبة لله تعالى، ووجبت في مال اليتيم والمسجد ونحوهما.

  فرع: قد عُلم مما تقدم أنها وجبت صلةً للمعسرين، فمصرفها: إما الأشخاص أنفسهم فيشترط فيهم الإعسار، وهو ما عدا العاملَ والمؤلَّفَ والمجاهدَ من الثمانية الأصناف التي ذكرها الله، وإما المصالح العامة التي حاجة كلٍّ من العباد إليها ماسَّة، وهي بالصرف في الثلاثة المذكورين، فلا يشترط فيهم الفقر على اختلافٍ في المجاهد؛ إذ ليس سببُ استحقاقهم حاجتَهم أنفسِهم كما ذكرنا.

  فرع: وقد عُلم مما ذكرنا أن المقصود منها دفع الحاجة، ومن كون الآية مسوقة لنفي ما عدا تلك الأصناف أن الحصر فيها لبيان المصرف، فلا يجب التقسيط بينها عندنا، خلافاً للشافعي، فيجوز صرفها عندنا في واحد من الأصناف إلا العامل فلا يستحق أن تصرف إليه بالعمل أكثر من قدر أجرة عمله؛ إذ هي في مقابلة العمل فقط؛ ولذلك أجاز بعضهم أن يكون هاشميّاً كما يجوز أن يكون غنيّاً اتفاقاً.

  مسألة: وولايتها إلى الإمام للمناسَبَةِ والنَّصِّ، أما المناسبة فوجهان:

  أحدهما: ما في جَعْلها إلى أربابها من المفسدة الناشئة من استعلاء بعض العباد على بعض، وخضوع بعضهم لبعض، مع ما جُبِلَتْ عليه الأنفس من الميل إلى من مَنَحَها، والنَّفْرَة عمن مَنَعَها، فجعل الله الإمام واسطةً بين الفقراء وأرباب الأموال رأفة بالكل ورحمة لهم.