معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 136 - الجزء 1

  لوجوب انقيادهم، وأن الفقير إذا أخذها من رب المال بغير إذن الإمام فليست بزكاةٍ، وأن قيام الإمام طَلَبٌ لها، وأنه يجب عليهم إيصالها، وأن له طلب التعجيل حيث احتاج إليه، وأن له إلزامَهم مذهبه كإيجابها في دون الخمسة وفي المستغلات، وأن له أخذَها قهراً عند تمرد أربابها أو غيبتهم، وأنه يجب عليه النية؛ لأنه حينئذ خليفةٌ عنهم، وأنها عند الأخذ؛ إذ هو مَحَلُّ نيَّتِهم، وأن ولايتها إلى أربابها عند عدم الإمام كما تكون ولاية ما أوصى به الميت إلى الوارث عند عدم الوصي.

  فرع: وقد اختلف في علة حرمتها على الهاشمي، فقيل: هي ولايتهم عليها قطعاً للتهمة لهم في أخذها، وتبعيداً لهم عن مظنَّة الحيف في عقوبة من منعها أو تطييبها⁣(⁣١) لنفوس أربابها، وقد اعتبر الشارع نظير هذه العلة في نظير هذا الحكم كما حرم على الحاكم الانتفاع ممن تحت ولايته كما نبه عليه⁣(⁣٢).

  وقريب من ذلك أن يصرف متولي المسجد أو اليتيم أو الوقف زكاته في نفسه لكنه يكره فقط؛ لأن المعاملة بينه وبين رَبِّهِ ليس إلَّا، بخلاف ما سبق.

  وقيل: بل العلة كونهم أغنياء حكماً، وذلك بالخُمُس الذي خَصَّهم الله بأكثره وشاركوا غيرهم في باقيه.

  وقيل: بل كونها أوساخ الأموال وغسالة أربابها كما مر، فنزههم الله منها تكرمةً لهم وتطهيراً كما نبه عليه الشارع⁣(⁣٣).

  وقيل: بل كره لهم الدخول تحت الْمِنَّة والتلبُّس بمذلة الاستعطاء.

  فرع: فعلى التعليل الثاني قال بعضهم: تجوز لهم الزكاة إذا مُنِعُوا الخمس. وعلى الثالث قال بعض أصحابنا: تجوز زكاة بعضهم لبعض. وعلى الرابع: منع بعضهم جواز صدقة النفل لهم.


(١) في (ب، ج): «وتطييبًا».

(٢) لعله يريد في نحو ما رواه الإمام زيد # عن آبائه عن رسول الله ÷ قال: «إني لعنت ثلاثة فلعنهم الله تعالى: الإمام يتَّجِر في رعيته، وناكح البهيمة، والذكرين ينكح أحدهما الآخر»، وأمثال هذه الرواية.

(٣) تقدم قريباً ما يدل على ذلك.