معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 137 - الجزء 1

  والحقُّ ما تقرر في الأصول أنه لا يلزم من انتفاء العلة انتفاء الحكم؛ لجواز أن يكون للحكم عِلَّتان، فلا يصح الفرعان الأولان، ولا يلزم من وجود المناسبة كونُها علةً موجبةً؛ لجواز أن لا يعتبرها الشارع فلا يصح التفريع الثالث وقد علمنا هنا إلغاءها، فإنها تصح الهبة والنذر والهدية والصدقة على بني هاشم اتفاقاً مع وجود الْمِنَّة.

فصل: في صدقة الفطر

  سببُها رأسٌ يمونه، والفطر وقوت عشر شرط؛ فلذلك صح تعجيلها قبلهما بعد وجود الرأس ولو لأعوام.

  وأما إسلام المخرَج عنه فجزءٌ من السبب، فلو عَجَّلَ عن أبويه الكافرين قبل الفطر أو في أوله ثم أسلما في آخره، وجبت الإعادةُ.

  وزادت الحنفية جزءاً من⁣(⁣١) السبب وهو الولاية في المال؛ فلم يجب عندهم إلا للنفس والمملوك والولد الصغير المعسر، فإن كان مؤسراً فمن ماله.

  فرع: ولكون المؤنة جزءاً من السبب لو أخرج فطرةَ قريبِه أو والده قبل أن تجب نفقته ثم وجبت، لزمت الإعادة كما قلنا في الإسلام.

  وإذا أخرج عن قريبه المسلم ثم كَفَر ثم أَسْلَم وكذا عن نفسه وجبت الإعادة على القول بأن الكفار غير مخاطبين بالشرعيات، كما تقدم أول الكتاب.

  فرع: فأما إذا عجل عن قريبه الذي تلزمه نفقته ثم سقطت نفقته ثم عادت أو عن زوجته ثم بانت ثم عادت أو كانت قريبةً له يجب عليه إنفاقها، لم تجب الإعادة، وكذا لو أخرج عن قريبته ثم دخل يوم الفطر وهي زوجة له لبقاء أهليَّة الأصل؛ إذ المخرج نائب كما سيأتي.

  فإن عجَّل عن زوجته الناشزة، ثم دخل يوم الفطر وهي مطيعة، فإنها تجب الإعادة؛ لأن سببها بالنشوز معدوم، وكذا العكس أيضاً؛ لأنه انكشف عدم


(١) في (ب، ج): «في».